جديد الإعلانات :

العنوان : أيها السعوديون: اذكروا نعمة الله عليكم.

عدد الزيارات : 1712

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان أما بعد:

لقد من الله علينا في ظلال الدولة السعودية بنعم لا تعد ولا تحصى ومنها :

1- اجتماع شمل أرجاء عامة الجزيرة العربية تحت راية التوحيد بفضل الله ثم بجهود الإمام الصالح العادل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله بعد أن كانت قبائل وقرى متناحرة متنافرة متباغضة يقتل بعضهم بعضاً، ويبغي بعضهم على بعض. والاجتماع نعمة والفرقة عذاب وقد امتن الله على الأنصار خاصة وعلى المؤمنين عامة بالاجتماع بعد الفرقة فقال تعالى ( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً ) ، وها نحن اليوم تسود بيننا المودة والألفة بعد أن كان الآباء والأجداد يعيشون فرقة واختلافاً قل نظيرهما، ولقد أخبرني من أدرك زماناً كان بعضهم يقتل القتيل من المسلمين في جزء من أجزاء وطننا اليوم ثم يأسف على قتله لا لكونه قتل مسلماً بغير حق ولكن لكونه خسر رصاصة دون مقابل إذ اكتشف أن الضحية لم تكن تحمل من حطام الدنيا شيئاً غير لبساها الذي عليها!!.

2- استتباب الأمن في هذه الجزيرة بعد عقود من الخوف والاضطراب؛ والأمن ضرورة من ضرورات الحياة، لا تصلح الحياة إلا به، ولا يستقيم أمر الدين إلا تحت ظلاله، فإذا نعم الناس بالأمن تفرغوا لمعايشهم، وعبادة ربهم تبارك وتعالى . ولعظم شأن الأمن دعا إبراهيم عليه السلام ربه أن يمن به على البلد الحرام، بل وقدمه على طلب الرزق لأهله فقال ( رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ) (126) سورة البقرة .

إن مظاهر الأمن في بلادنا والحمد لله لا تحصى ومنها أن المسافر يسافر بالبر من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال من أطراف اليمن إلى مشارف الشام لا يخاف إلا الله وحده، ترى لو بعث أحد من مات قبل ثمانين أو تسعين سنة من اليوم أكان يصدق ما يشاهده من الأمن والطمأنينة ؟ .

3- تحكيم الشريعة الإسلامية في شؤون البلاد والعباد، في زمن عطل فيه حكمها، فتفردت بهذه المنقبة العظيمة، ولا شك أن الاستقامة على الحق حين يقل المساعد والنصير من أعظم القرب عند الله ، وأكثرها عنده ثواباً ، وما كان من نقص – والنقص حاصل – فنسأل الله أن يوفق ولاة الأمر لاستدراكه وإصلاحه.

4- الالتزام بعقيدة أهل السنة والجماعة عقيدة الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فهي العقيدة التي تدرس في مدارسها بجميع مراحلها من مبدئها إلى منتهاها، وعلى وفقها تقوم الفتوى، وهذه نعمة عظيمة فإن نعمة الاهتداء إلى السنة كنعمة التوفيق إلى الإسلام، لأن السنة هي عقيدة الإسلام الصافية النقية من البدع والمحدثات والشوائب.

5- رغد العيش ووفرة الأرزاق، واتساع الناس في المعايش نتيجة الأمن والطمأنينة، وما فتح الله به على البلاد من بركات السماء والأرض، حتى صارت مقصد الناس من مشارق الأرض ومغاربها يأتونها بحال من الفقر والحاجة ويرجعون بحال أخرى من الغنى والوفر، فاللهم لك الحمد كله.

6- علاقة الرحمة والمودة بين الحاكم والمحكوم، فبإمكان الفرد من الرعية الوصول إلى أبواب أمراء البلاد وعرض حاجاته عليهم، ومن آثار هذه المودة والألفة ما نراه من مشاركة كبار المسؤولين لأفراد الرعية في أفراحهم وأتراحم، ومن آثارها ما نراه من وقوف الرعية مع قادتهم في ساعات المحن والفتن في مظهر من الوفاء تعجز الكلمات أن تعبر عنه أو أن تحوم حول حماه.

أيها السعوديون:

هذه قطرة من بحار النعم التي نرفل في أثوابها ولو لم يكن منها إلا نعمة الأمن والإيمان لكفى فكيف و قد حباكم الله إليها ما لا يمكن عده ولا حصره من نعمه وآلائه ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ) .

إن التحدث بنعمة الله والتذكير بها مرة بعد مرة هو من شكر الله عليها ومن أسباب الشكر أيضاً، وقد أمر الله تعالى كليمه موسى عليه السلام أن يذكر قومه بنعم الله عليهم فقال سبحانه ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } (5) سورة إبراهيم وأيام الله ألآؤه ونعمه فاستجاب موسى ما أمر به فذكر قومه بنعمة الله عليهم من إنجائهم من فرعون وطغيانه ثم أمرهم بشكر نعمة الله وحذرهم من كفرانها .

وقال الله لأهل سبأ ممتناً عليهم بنعمة الأمن والرزق ( كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ) الآيات ، وأمرنا الله تعالى معشر هذه الأمة أن نتذكر نعمته علينا وأن نشكره عليها فقال ( واذكروا نعمة الله عليكم ) في آيتين من كتابه ، وقال تعالى ({ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } (152) سورة البقرة وقال تعالى { وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } (172) سورة البقرة وقال تعالى { وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } (114) سورة النحل وما أردت بهذه المقالة إلا التذكير بنعمة الله علينا وحث نفسي ومن يقرأها بشكر الله عليها سراً وجهراً .

إن الحاجة ماسة إلى مثل هذا التذكير فإننا ابتلينا بسفهاء لؤماء ما فتئوا يسترون الجميل، ويشيعون ما يختلقون من القبيح كما قال القائل يشكو قوماً هذه حالهم معه :

(إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحاً …… عني وما سمعوا من صالح دفنوا )

يذمون هذه البلاد وهم من أسعد الناس بخيراتها ونعم الله فيها ويا عجباً ( أأكلاً وذماً ) كما يقول المثل العربي؟

إن الحر لا يرضى لنفسه هذه الدركة إنما يرضى بها من هانت عليه نفسه لؤماً وخسة و ( من يهن يسهل الهوان عليه ) وإبراهيم عليه السلام خاف من ضيوفه يوم رآهم لا يمدون أيديهم إلى طعامه وكان أهل الفتك لا يأكلون من طعام من يريدون به سوءاً كأنهم يأنفون أن يجمعوا بينهما!!.

دعاة الفتنة هؤلاء : لا يفوتون فرصة إلا أوغروا الصدور، وهيجوا الأغرار، يصورون لهم أنهم يعيشون في حالة من الفساد الديني والدنيوي لا مزيد عليها، وهم يأتون لكل أحد من الناس من الباب الذي هو أقرب لقلبه فيأتون لصاحب الدين ( الجاهل بحقيقة الدين ) من باب الدين .

ويأتون لصاحب الدنيا من باب الدنيا، إن هؤلاء دعاة على أبواب جهنم فإياكم وإياهم ففي حديث حذيفة في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها ثم أخبر أن العصمة من شرهم هي ( بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم ) فدلت هذه الكلمة النبوية إلى أن المقصود بهم قوم يريدون نزع الطاعة وتفريق الكلمة، والخروج على إمام المسلمين وهذا هو الدور الذي يقوم به اليوم دعاة الفتن والفساد.

وإذا كان دعاة الفتن قد كتموا الحقائق واختلقوا الأباطيل وأوغروا الصدور حسداً وغلاً فإن أئمة السنة وأهل العلم والإيمان ما فتئوا يذكرون الناس بمكانة الدولة السعودية، ويشيدون بما وفقها الله إليه من الحكم بالشريعة، ويذكرون الناس بما أسبغه الله عليهم من نعمة الأمن بعد الخوف، والغنى بعد الفقر، والعز بعد الذل، بهذا صرح أئمتنا وأشياخنا قديماً وحديثاً، وما قالوا إلا ما يصدقه الواقع والحمد لله، فشتان بين الطريقين، فاستمسكوا بطريق أئمة الهدى وإياكم وسبل أهل الجهالة والغواية، ( وما يستوي الأعمى والبصير، ولا الظلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات ) :

( وما يستوي جهال قوم تسكعوا ……. عماً . وهداةٌ يهتدون بمهتد)

وعلى من أضله الهوى أو الجهل أن يبادر إلى التوبة إلى الله، وأن يلتزم بمقتضى عقيدة أهل السنة والجماعة في لزوم السمع والطاعة ونشر محاسن ولاة أمره وستر معايبهم رعاية لاجتماع الكلمة وبعداً عن أسباب الفرقة ولو ظلم وضرب وأخذ ماله بغير حق ولو استئثر عليه بالدنيا وزهرتها فـ( ما عند الله خير وأبقى ) ، إن الذين تنكبوا طريق السنة متوعدون بأشد الوعيد وفيهم نزل قول الله تعالى ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم في رحمة الله هم فيها خالدون ) قال ابن عباس : تبيض وجوه أهل السنة و الجماعة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة . وتلاها أبو أمامة رضي الله عنه في الخوارج ورفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي وحسنه.

حفظ الله الوطن السعودي وقادته وأبقاهم ذخراً وعزاً للإسلام وأهله وكبت أهل الحسد والكيد الذين ساءهم ما نحن فيه من نعمة الدين والدنيا.

وأنت أيها الوطن :

(فدتك نفوس الحـــــاسدين فإنها ……. معذبة في حضرة ومغيب

وفي تعب من يحسد الشمس ضوءها ……. ويجهد أن يأتي لها بضريب)

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

علي بن يحيى الحدادي

إمام وخطيب جامع عائشة بالرياض

11/10/1425هـ

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *