العنوان : إبطال الاستدلال بقصة أبي لهب وثويبة على مشروعية الاحتفال بالمولد
أرسل لي بعض الإخوة رسالة مصورة يسأل عن الجواب عما فيها وهو:
“روى البخاري عن سيدنا العباس بن عبد المطلب أنه رأى أبا لهب في النوم في شر حال فساله عن حاله فقال حالي كما ترى الا أنني أسقى كل يوم اثنين من نقرة اصبعي هذا أسقى منه ماء قال العباس: لماذا؟ قال أبو لهب لأنني أعتقت ثويبة الجارية لما أخبرتني بمولد محمد (صلى الله عليه وسلم).
وفي هذا يقول الحافظ شمس الدين ابن نصر الدين الدمشقي :
إذا كان هذا كافر جاء ذمه بتبت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الاثنين دائما يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي طول دهره بأحمد مسروراً ومات موحدا)
فأقول مستعينا بالله:
القصة أخرجها عبد الرزاق في المصنف (7/477) والبخاري في صحيحه (7/9) : قال عروة: “وثويبة مولاة لأبي لهب: كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة”. هذا لفظ البخاري ولفظ عبد الرزاق:
قال عروة: ” وكانت ثويبة مولاة لأبي لهب، كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما مات أبو لهب رآه بعض أهله في النوم، فقال له: ماذا لقيت؟ – أو قال: وجدت؟ – قال أبو لهب لم ألق أو أجد بعدكم رخاء أو. قال: راحة غير أني سقيت في هذه مني لعتقي ثويبة وأشار إلى النقرة التي تلي الإبهام والتي تليها “
وعند النظر في هذه القصة نجد ما يلي:
- عروة هو ابن الزبير وهو تابعي لم يدرك أبا لهب فالخبر مرسل منقطع وليس متصلاً والانقطاع من أسباب ضعف الحديث كما هو معلوم.
- ليس في الخبر أن الذي رآه العباس إنما بعض أهله.
- ليس في الخبر أن أبا لهب أعتقها لأجل أنها بشرته بمولد النبي صلى الله عليه وسلم. ولا حتى لكونها أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم إنما فيه أنه أعتقها وأنها أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم.
- ليس في الخبر ذكر يوم الاثنين ولا ذكر ولادته صلى الله عليه وسلم.
- أنه على فرض ثبوته حكاية منام ليست قرآنا ولا سنة ثابتة ولا إجماعاً فكيف يصح أن يحتج بالمنام ويجعل دليلاً على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي.
- أنه قد ثبت قطعاً أن الكافر لا ينتفع بالأعمال التي يعملها تقرباً إلى الله إذا مات على الكفر كما قال تعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجلعناه هباءً منثوراً) فكيف يسوغ أن يعارض القرآن أو يخصص بحلم لم يثبت بسند صحيح ولا يُدرى من رآه أمسلم أم كافر؟!.
- الأبيات المذكورة مبنية على هذه القصة وقد سبق أنها ليست بصحيحة.
هذا وأسأل الله تعالى التوفيق لقول الحق والصدق والعمل به، وأعوذ بالله من الهوى والزيغ وتحريف الكلم عن مواضعه نصرة للباطل وإماتة للحق والله أعلم.
جزيتم الجنه ..
قال الحافظ ابن حجر :
▪ أولا بأن الخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به ،
وعلى تقدير أن يكون موصولا فالذي في الخبر ◀ رؤيا منام
⛔ فلا حجة فيه ،
❗ولعل الذي رآها لم يكن إذ ذاك أسلم بعد فلا يحتج به ،
▪ وثانيا على تقدير القبول فيحتمل أن يكون ما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا من ذلك ، بدليل قصة أبي طالب كما تقدم أنه خفف عنه فنقل من الغمرات إلى الضحضاح ..
¤ فتح الباري (9/145-146)