جديد الإعلانات :

العنوان : الحث على التزام فتوى اللجنة عن فيروس كورونا

عدد الزيارات : 2347

أما بعد:

فإن الله تعالى هو المتفرد بتدبير الأمور وتصريف ما يقع من الحوادث على تعاقب الدهور، يعذب ويرحم ، ويعطي ويمنع ، ويضر وينفع ، ما يقع من شيء إلا بإذنه كما قال تعالى {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)   وقال تعالى ({وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107] وقال تعالى {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: 31]

ومن ذلك ما يبتلي الله به من يشاء من البلاد والعباد من الأوبئة والطواعين والأمراض  فمقدر العافية والمرض هو الله ، ومنزل الداء والدواء هو الله كل شيء بأمره ما شاء الله كان ولو كره الخلق جميعاً وما لم يشأ لم يكن ولو أراده الخلق جميعاً  قد فرغ الله من مقادير الخلائق قبل أن يخلقهم قال صلى الله عليه وسلم  (واعلم ان الأمة لو اجتمعوا على ان ينفعوك لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على ان يضروك لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه أحمد والترمذي.

 ولما كانت شريعتنا هي الشريعة السماوية الصالحة لكل زمان ومكان، المراعية لمصالح الدبن والدنيا والروح والجسد ، فقد جاءت بالحث على الأخذ باسباب السلامة والوقاية من الأمراض قبل وقوعها كما جاءت بالامر بالتداوي والعلاج من الأمراض بعد وقوعها. فنهت عن القاء اليد إلى التهلكة، ونهت عن تناول الخبائث لأضرارها الحسية والمعنوية وقررت أنه لا ضرر ولا ضرار ونهت عن مخالطة الصحيح للمريض مرضاً معدياً  _ مع التأكيد أن العدوى لا تكون إلا بإذن الله _ كما نهت المريض مرضاً معدياً عن مخالطة الصحيح تقليلاً للأضرار وحصاراً للأوبئة حتى لا يزداد انتشارها وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم (لا يورد ممرض على مصح) متفق عليه  وقال صلى الله عليه وسلم  « فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» رواه البخاري. وعن عمرو بن الشريد أنه كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم (إنا قد بايعناك فارجع) رواه مسلم. وعن أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا» متفق عليه.

ومن هذا المنطلق ومن حرص حكومة خادمين الحرمين الشريفين على سلامة الحجاج فقد منعت دخول الإبل إلى المشاعر المقدسة وما جاورها أخذاً باسباب السلامة من انتشار فيروس كورونا بين الحجاج، وصدرت فتوى اللجنة الدائمة بذلك كما أعلن عنه في حينه، فعلى الجميع التعاون مع الدولة وفقها الله والتقيد بالفتوى الشرعية الصادرة بهذا الخصوص.

ولا شك أن هذا التنظيم وهذه الفتوى قد يتضرر بها فئة من الناس وهم ملاك الإبل والمتاجرون بها والعاملون في انشطتها، ولكن المسلم الناصح لنفسه ولوطنه وولاة أمره وإخوانه المسلمين يتحمل المضرة الخاصة لأجل المصلحة العامة. قال جرير بن عبد الله (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم) وفي الحديث (الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولا ئمة المسلمين وعامتهم) وفي الحديث الصحيح (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

فلا ينبغي لأحد منهم ولا من غيرهم أن يتحايل على هذه الأنظمة ولا ينبغي أيضاً التشويش عليها وإثارة الشبهات حولها وإضعاف القناعة بها مما يجرئ على مخالفتها.

وهكذا ايضاً دعت اللجنة الدائمة من كان مخالطاً للمرضى بهذا الفيروس إلى تأجيل الحج لأنهم قد يكونون حاملين له فينتشر منهم إلى غيرهم.

نسأل الله أن يعافينا وإياكم من كل سوء وأن يحفظ بلادنا من كل سوء وأن يحمي حجاج بيته وأن ييسر لهم أداء مناسكهم آمنين سالمين. إنه جواد كريم.

اقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 الخطبة الثانية

أما بعد:

فقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة برئاسة سماحة مفتي عام المملكة حفظه الله بخصوص منع الهدي هذه السنة بالإبل وحث المخالطين للمرضى بكورونا إلى تأجيل حجهم الى العام القادم وإليكم نص الفتوى التي تقول:

نظراً لتزامن زيادة حالات الإصابة بمرض ( كورونا ) في هذا الوقت مع بدء موسم الحج هذا العام 1436 هـ .

وحيث إن الحجاج وعمال المسالخ والجزارين وغيرهم قد يباشرون ويتعاملون مع الإبل في الهدي والأضاحي والفدية فقد ينتقل الفيروس إليهم ، ثم ينتقل منهم إلى باقي الحجاج والمخالطين لهم .. وقد أثبتت الدراسات والواقع انتشار العدوى بسرعة كبيرة داخل المستشفيات وأن نسبة الوفاة عند المصابين بالفيروس عالية .

ونظراً للأعداد الكبيرة من الحجاج وازدحامهم ووجود تقارب بينهم في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة فإنه يخشى من انتشار المرض بين الحجاج بسبب تقاربهم وتزاحمهم .. وحيث إن حكومة خادم الحرمين الشريفين ممثلة في لجنة الحج العليا تولي صحة الحجاج عناية كبيرة جداً وأن من أهم الأمور في هذا الموضوع العناية والاهتمام بالجانب الوقائي قبل العلاجي فإن اللجنة الدائمة للفتوى بناءً على ذلك ترى منع إدخال الإبل إلى المشاعر والاكتفاء بذبح البقر والغنم في الهدي والأضاحي والفدية وعدم ذبح الإبل أو إدخالها إلى المشاعر وما حولها تجنباً لانتقال العدوى بهذا المرض وانتشاره بين الحجاج مما يترتب عليه إلحاق الضرر بهم ونقل المرض إلى بلدانهم . فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لايوردُ ممرض على مصح ) رواه البخاري ومسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فر من المجدوع فرارك من الأسد ) أخرجه البخاري في صحيحه وهذه الأحاديث تدل على مشروعية أخذ الوقاية والحذر من المرض والبعد عن أسباب انتشاره كما تدعو اللجنة المخالطين للمصابين بهذا المرض بمراعاة الأحوال بتأجيل حجهم هذا العام إلى الأعوام القادمة إن شاء الله حتى لا يكونوا سبباً في العدوى وانتشار المرض ” أهـ

فنسأل الله أن يوفق دولتنا وعلماءنا ورجال أمننا لكل خير جزاء ما يقومون به في خدمة حجاج بيت الله الحرام والحرص على مصالحهم وأمنهم وراحتهم وسلامتهم إنه سميع الدعاء.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين..

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *