جديد الإعلانات :

العنوان : النهي عن الغضب

عدد الزيارات : 11785

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساء لون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)

أما بعد:

فإن من الوصايا النبوية العظيمة وصيته الله عليه وسلم بعدم الغضب فقد جاءه إليه رجل فقال أوصني فقال لا تغضب فردد مراراً فقال لا تغضب. رواه البخاري.

وذلك أن الغضب إذا اشتد أغلق العقل ومنع الإنسان من التحكم في إرادته وفي كلامه وفي تصرفاته فيقدم على أفعال وأقوال قبيحة سيئة من السب واللعن والضرب والقتل والإتلاف وغير ذلك مما يندم عليه غالباً بعد انطفاء الغضب وذهاب سلطانه.

والغضب من جمرة في جوف ابن آدم لذا تحمّر العينان وتنتفخ الأوداج كما في حديث أبي سعيد عند الترمذي.

والغضب من نزغات الشيطان والشيطان لا يأمر إلا بالسوء والفحشاء والظلم والعدوان كما قال تعالى (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ، إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)

و ليس معنى النهي عن الغضب أن لا يغضب الإنسان أصلاً فالغضب يهجم على الإنسان بغير إرادة منه ولكن المقصود أن يقهر غضبه وأن يملك نفسه فلا يجعل للغضب سلطاناً عليه كما قال صلى الله عليه وسلم (ليس الشديد بالصُرَعَة _ أي الذي يصرع الناس_ إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) متفق عليه من حديث أبي هريرة.

ومما يعين المسلم على تجاوز مخاطر الغضب أن يستعيذ بالله من الشيطان كما في الحديث الصحيح عن سليمان بن صُرَد، قال: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان، فأحدهما احمّر وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان، ذهب عنه ما يجد ” فقالوا له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعوذ بالله من الشيطان، فقال: وهل بي جنون” متفق عليه واللفظ للبخاري.

وأن يلزم الصمت فلا يتكلم أثناء غضبه حتى تهدأ نفسه لقوله صلى الله عليه وسلم (وإذا غضب أحدكم فليسكت) رواه أحمد عن ابن عباس وله شاهد عن أبي هريرة.

وأن يغير الحال التي هو عليها لحديث أبي ذر رضي الله عنه  قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع» رواه أحمد وابو داود.

واستحب بعض أهل العلم أن يتوضأ فإن الماء يخفف الغضب ويذهبه وفيه أحاديث لكن في أسانيدها ضعف.

اللهم إنا نعوذ بك من الظلم والعدوان في حال الغضب والرضا ، ونعوذ بك من نزغات الشيطان.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على فضله وإحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيراً.

أما بعد: ايها الناس اتقوا الله تعالى حق التقوى وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.

أيها الإخوة في الله: لعل أكثر المشاكل التي ينتج عنها القتل أو العدوان اللفظي أو الفعلي أو الطلاق أو الهجران بين الاقارب والأصحاب يكون سببها تركَ النصيحة النبوية حينما نهانا صلى الله عليه وسلم عن الغضب، ولذا كثير من الناس يندمون على تصرفاتهم تلك بعدما تسكن أنفسهم وتنطفئ جمرة غضبهم لكن كم من متندم بعد فوات الآوان.

فلنربّ أنفسنا على الحلم تلك الصفة الحبيبىة إلى الرحمن سبحانه وتعالى ولنتذكر أن الكاظم غيظه من أهل الجنة والكاظم غيظه وهو قادر على إنفاذه موعود بما جاء في الحديث الثابت عن نبينا صلى الله عليه وسلم فعن معاذ بن أنس الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله عز وجل على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره الله من الحور العين ما شاء» رواه أحمد وابو داود.

وأحسن الغضب ما كان لله تعالى حين تنتهك حرماته قالت عائشة رضي الله عنها : «ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط، فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله عز وجل» رواه مسلم ولكن يجب أن يكون الانتقام وإنكار المنكر منضبطاً بالضوابط الشرعية فبعض الناس وإن كان يغضب لله لكنه يتجاوز في الأخذ والعقوبة ويتعدى حده الشرعي فيسيء من حيث قصد الإحسان وقد ينتصر لنفسه وهو يظن أنه ينتصر لله سئل الإمام أحمد رحمه الله : إذا أمرته _ أي الشخص_ بمعروف فلم ينته؟ قال: دعه. إن زدت عليه ذهب الأمر بالمعروف وصرت منتصراً لنفسك فتخرج إلى الإثم ، فإذا أمرت بالمعروف فإن قبل منك وإلا فدعه. اهـ.

ثم اعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مستقراً وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه واصرف عنا كيده واكفنا شره إنك على كل شيء قدير، اللهم أصلح ولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللهم اصلح بطانتهم وأبعد عنهم بطانة السوء والمفسدين اللهم أمدهم بعونك اللهم وفقهم بتوفيقك اللهم اجعل عملهم خالصًا لوجهك واجعله في صالح الإسلام والمسلمين ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.

عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل:90-91]، فاذكروا اللهَ يذكرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم ولذِكْرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *