جديد الإعلانات :

العنوان : الهداية معناها وأسبابها (خطبة مكتوبة)

عدد الزيارات : 19570

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد:

فإن أعظم نعم الله على عبده في هذه الدنيا أن يرزقه الهداية إلى صراطه المستقيم، ولماذا لا تكون الهداية أعظم النعم وأجلها وبها بعد فضل الله يكون الفوز بالجنة والنجاة من النار.

إن الهداية تعني أن يجمع الله لعبده بين العلم النافع والعمل الصالح، ففاقد العلم يتخبط في الضلالة وفاقد العمل يتخبط في الغواية والعامل بعلمه هو صاحب الرشد والهداية.

والهداية فضل يتفضل الله بها على من يشاء من عباده كما قال تعالى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}

فإذا أراد الله هداية عبد من عباده شرح صدره ووسعه حتى يتسع لقبول الهدى وإذا أراد أن يضل عبداً ضيّق عليه صدره حتى يضيق عن الهدى كما قال تعالى {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السماء} فالهداية بيد الله وحده حتى لو قُدِّر أن قلبك وضع في يسارك ووضع الخير والهدى في يمينك فلن تستطع أن تفرغه في قلبك حتى يكون الله هو الذي يضعه فيه كما قال بعض السلف.

وإذا كانت الهداية بيد الله تعالى فإن على العبد أن يحرص غاية الحرص وأن يجتهد غاية الاجتهاد في سؤال الله تعالى الهداية وسؤال الله الثبات على الهداية والاستعاذة بالله من الزيغ بعد الهدى قال تعالى معلماً عباده سؤاله الهداية في سورة الفاتحة (اهدنا الصراط المستقيم) وقال تعالى معلماً عباده الاستعاذة به من الزيغ بعد الهدى {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بين السجدتين «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي»، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم «وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الهُدَى لِي» رواهما الترمذي. وكان من دعائه في استفتاح صلاة الليل «اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»، وكان من دعائه في استفتاح الصلاة «اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَعْمَالِ وَأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ» رواهما النسائي.

وعلّم ابن عمه علياً أن يقول: “اللهم اهدني وسددني” رواه مسلم، وعلّم ريحانته وابن بنته الحسن بن علي أن يقول في الوتر «اللهم اهدني فيمن هديت» رواه أبوداود.

فما أحرانا بالاجتهاد في الدعاء دائماً بسؤال الله إياها ونحن الضعفاء المساكين.

عباد الله:

من أراد الهدى فعليه بكتاب الله تعالى فإن الله تعالى قال في سورة الفاتحة (اهدنا الصراط المستقيم) ثم قال في الآية الثانية من سورة البقرة (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) وقال تعالى منوهاً بشأن كتابه الكريم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} فأقبلوا عليه تلاوة لآياته وتدبراً لمعانيه وتفقهاً في أحكامه وعملاً به.

ومن أراد الهدى فالهدى في سنة محمد صلى الله عليه وسلم فعليك يا عبد الله بدراسة السنة النبوية والتفقه فيها والعمل بها قال تعالى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} أي لم يهتد للحق بل ضل الضلال البيّن الواضح والعياذ بالله.

فهذان هما المصدران الصافيان للهدى، بهما تصلح القلوب والاعتقادات، والعبادات والمعاملات، والأخلاق والسياسات وبهما يصل العبد إلى الجنة دار السلام كما قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} أي يهديهم في الآخرة إلى الجنة بإيمانهم الذي كان في الدنيا.

والهداية المقصودة هي الهداية للتوحيد الخالص الذي هو إفراد الله بالعبادة والبراءة من الشرك فأعظم الهداية التوفيق للتوحيد كما أن أعظم الضلال الشرك قال تعالى (ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً) وقال تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)

ثم الهداية إلى السنة والسلامة من البدع والمحدثات فمن عاش عليها ومات عليها فقد مات على الخير سئل أحمد من مات على الإسلام والسنة مات على خير فقال: “اسكت بل مات على الخير كله” وقال معتمر بن سليمان: دخلت على أبي وأنا منكسر فقال: مالك؟ قلت: مات صديق لي. قال: مات على السنة؟ قلت: نعم. قال: “فلا تخف عليه”.

ثم الهداية إلى فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات فمن اتقى الله بفعل الأوامر قدر استطاعته واجتناب المعاصي فقد اهتدى قال تعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}

جعلني الله وإياكم ووالدينا وأزواجنا وذرياتنا من المهتدين إنه سميع الدعاء أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الهداية إلى الصراط المستقيم وإن كانت بيد الله إلا أن لها أسباباً أعطى الله العبد القدرة على الأخذ بها فمنها:

صدق الاستعانة بالله والتوكل عليه ولهذا يقرن الله تعالى بينها وبين عبادته وحده كما في قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) وقوله تعالى (فاعبده وتوكل عليه)

ومن أسباب الهداية مجاهدة النفس بحملها على تعلم العلم النافع والعمل به قال تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

ومنها كثرة التوبة والإنابة والرجوع الى الله في كل وقت وحين كما قال تعالى (الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) .

ومنها صحبة أهل الاهتداء فمن كان لا يصاحب إلا المسلم السني التقي فحري أن يكون من المهتدين لأن المرء على دين خليله كما قال صلى الله عليه وسلم.

جعلني الله وإياكم من المهتدين وحشرني وإياكم مع المهتدين الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين.

اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا

اللهم وفق إمامنا بتوفيقك وأيده بتأييدك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وتعينه عليه.

اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا اللهم كن لهم عوناً ونصيراً ومؤيداً وظهيراً اللهم عليك بطاغية الشام اللهم عليك بطاغية الشام اللهم عليك بطاغية الشام اللهم عجل بهلاكه وإراحة المسلمين في الشام من شره اللهم خذه وجنوده وأعوانه أخذ عزيز مقتدر إنك أنت القوي العزيز اللهم ارحم حال المستضعفين من المسلمين في الشام اللهم ارحم ضعفهم واجبر كسرهم اللهم آمن روعاتهم واستر عوراتهم اللهم ارفع عنهم الفتن والمحن والبلاء اللهم بدل خوفهم أمناً وفقرهم غنى وجوعهم شبعاً وريا وفرقهتم اجتماعاً على الحق برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

6 comments

  1. علي الرياني

    جزالك الله خيرا ، ونفع الله بعلمك .

  2. علي يحي غزواني

    أحسن اللة إليكم شيخنا الفاضل

  3. لخصت وأجدت ..
    وفقك الله وثبتك د.علي

  4. بلغيث احمد سعيد القرني

    جزاك الله خيرا شيخنا الحليل ونفع بك الاسلام والمسلمين

  5. عاشور من الجزائر

    اللهم احفظ شيخنا العزيز علي يحيى الحداد والله إننا نحبك في الله

  6. ماشاء الله بارك الله فيك شيخنا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *