توقير كبار السن اسم الله تعالى (الحفيظ) و (الحافظ) اسم الله تعالى (الفَتّاح). مكانة المساجد والمحافظة عليها. التحذير من الغيبة والنميمة التحذير من جهلة مفسري الأحلام تعظيم شأن الجمعة والتذكير ببعض أحكامها.

العنوان : خطبة استسقاء 1439هـ

عدد الزيارات : 3022

الحمد لله الولي الحميد، القوي المتين، المرجو لكشف كل كرب شديد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العرش المجيد، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه  وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وذلك طاعته بفعل أوامره واجتناب نواهيه ففي طاعة الله جل وعلا سعادة الدنيا والآخرة في طاعة الله تعالى طيب الحياة وطيب الممات وفي طاعة الله تعالى انشراح الصدر ونور الوجة وبركة الرزق وفي معصيته ضيق الصدر وقسوة القلب وسواد الوجه ونكد المعيشة ومحق البركات.

قال تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [النحل: 97] وقال تعالى {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طه: 123، 124] وقال تعالى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96]  {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ } [المائدة: 65، 66] وقال بعض السلف: إِنَّ لِلْحَسَنَةِ نُورًا فِي الْقَلْبِ، وَضِيَاءً فِي الْوَجْهِ، وَسَعَةً فِي الرِّزْقِ، وَمَحَبَّةً فِي قُلُوبِ النَّاسِ.

عباد الله:

إن المعاصي سبب كل بلاء وشر ومصيبة كما قال تعالى { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) } [آل عمران: 165] { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } [النساء: 79] {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) } [الروم: 41] قال ابن كثير : أَيْ: بَانَ النَّقْصُ فِي الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ بِسَبَبِ الْمَعَاصِي. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: “مَنْ عَصَى اللَّهَ فِي الْأَرْضِ فَقَدْ أَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ صَلَاحَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ بِالطَّاعَةِ” .

فاتقوا الله عباد الله واجتنبوا معصية الله فما يقع من القحط والجدب وضيق المعايش وغلاء الأسعار وغير ذلك من مصائب الدين والدنيا إنما هي بسبب المعاصي كما أخبرنا بذلك مولانا وخالقنا (ومن أصدق من الله قيلاً) (ومن أصدق من الله حديثاً).

عباد الله:

إن مما يؤسف له تساهل كثير من الناس اليوم بإشاعة المعاصي والمنكرات والإعلان والمجاهرة بها كالمجاهرة بسماع المعازف والأغاني وتساهل بعض النساء في اللباس الشرعي عند خروجها من بيتها فتخرج متبرجة مبدية محاسنها فتَضِلَ وتُضِل وتَزيغَ وتزُيغ وتَفتنَ وتَفتتن غيرَ مبالية بقوله صلى الله عليه وسلم «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» رواه مسلم.

ولا شك أن المجاهرة بالمعاصي دون إنكار شرعي من أسباب حلول المصائب العامة والعقوبات الشاملة والعياذ بالله قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه إنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: “إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه” رواه أحمد.

وعلى النساء أن يتقين الله في لباسهن وحشمتهن وحيائهن وأن يلتزمن بالحجاب وبالضوابط الشرعية التي حدها الله للمرأة المسلمة فيما يتعلق بلباسها وتعاملها مع الرجل الأجنبي عنها.

وعلى أولياء أمورهن أن يقوموا بما أوجب الله عليهم في ذلك من العناية والرعاية والتربية  فإن بني إسرائيل هلكوا وحلّت بهم العقوبات والمثلات التي أهلكتم وأبدلت عزلهم ذلا، وجمعهم فرقة، وكثرتهم قلة، وسلط عليهم من يسومهم من أنفسهم ومن غيرهم سوء العذاب بسبب ذنوبهم ومعاصيهم وانجرافهم في الفتن وأول فتنتهم كانت في النساء كما قال صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ» رواه مسلم.

عباد الله:

إن القحط وشح الأمطار ولا سيما في مثل بلادنا التي لا تجري فيها الانهار ويغلب عليها التصحر هو من أعظم من أنواع الابتلاء لما يترتب عليه من هلاك الدواب والمواشي وغلاء أسعارها وغير ذلك من المصائب والابتلاءات، وإذا كانت العقوبات تقع بسبب الذنوب فإنها تقلع بإذن الله بسبب الاستغفار والتوبة والإنابة والرجوع إلى الله كما قال تعالى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا }  وكما قال تعالى على لسان هود {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} وكما قال تعالى {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}

فأكثروا من الاستغفار والتوبة والإنابة والرجوع إلى الله لعل الله تعالى أن يقبل توبتنا ويغفر حوبتنا ويرحم ضعفنا ويجبر كسرنا ويرفع بأسنا ويغيث بلادنا ودوابنا وينبت مراعينا ويفتح لنا من بركات السماء والأرض فربنا رؤوف رحيم حليم كريم.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم إنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالغيث يا رب العالمين.

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفَّاراً، فأرسل السماء علينا مدرارا، اللهم أغثنا غيثاً مُغيثاً هنيئاً مَريئاً مَريعاً سحًّا غدقاً طبقا عاماً واسعاً مُجَلِّلا، نافعاً غير ضار، عاجلا غير آجل، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاءٍ ولا هدم ولا غرق.

اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت. اللهم أغثنا غيثاً مباركا، تحيي به البلاد، وتسقي به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد.

اللهم أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلته عوناً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين.

اللهم أنبت لنا الزرع، وأدرّ لنا الضرع، وأنزل علينا من بركات السماء، وأخرج لنا من بركات الأرض.

اللهم ارفع عنا الجهد والقحط والجفاف، وعن بلاد المسلمين يا رب العالمين، واكشف عنا من الضر ما لا يكشفه غيرك.

اللهم لا تهلكنا بالسنين ولا تجعلنا من رحمتك آيسين. برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اكشف الضر عن المتضررين، والكرب عن المكروبين، اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن.

اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك، وأيدهم بتأييدك، اللهم وفقهم لهداك، واجعل عملهم في رضاك، وهيئ لهم البطانة الصالحة، يا رب العالمين.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم هذا الدعاء، ومنك الإجابة، وهذا الجهد، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (سُبْحَـٰنَ رَبّكَ رَبّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَـٰمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ).


اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مُعلمة بـ *