جديد الإعلانات :

العنوان : خطر الاستهزاء بالدين

عدد الزيارات : 11671

الخطـبة الأولـى

أما بعد :

إخوة الإسلام إن منة الله على عبده بالإسلام منة عظيمة لا تعدلها منة ولا نعمة فإنه الدين الذي ضمن الله لصاحبه السعادة في الدنيا وفي الآخرة ولكن هذه النعمة قد يخسرها العبد بعد الفوز بها .

إنه كما ينهدم البيت بعد بنيانه فكذلك قد ينهدم إسلام العبد فينسلخ من دينه وإيمانه وذلك إذا أتى شيئا من نواقض الإسلام .

ونواقض الإسلام كثيرة لا تنحصر صورها في عدد محدود ومن تلك النواقض :

الاستهزاء بالله ، أو بآياته ، أو برسله ؛  لأن الإيمان يحمل صاحبه على تعظيم الله عز وجل وعلى تعظيم آياته وعلى تعظيم رسله وأنبيائه ولا بد فإذا استهزأ أو سخر أو هزل بشيء من ذلك ذهب أصل الإيمان فصار المستهزئ الهازل كافرا خارجا عن الإسلام والعياذ بالله ولو صدر هذا الاستهزاء بقصد اللعب والمرح والتسلية والضحك والإضحاك

عن ابن عمر و محمد بن كعب و زيد بن أسلم و قتادة – دخل حديث بعضهم في بعض – : أنه قال رجل في غزوة تبوك : (ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ، ولا أكذب ألسناً ، ولا أجبن عند اللقاء ) . يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه القراء ، فقال له عوف بن مالك : كذبت ، ولكنك منافق ، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره فوجد القرآن قد سبقه ، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته ، فقال : يا رسول الله ! إنما كنا نخوض ونتحدث بحديث الركب نقطع به عنا الطريق ، قال ابن عمر : كأني أنظر إليه متعلق بنسعة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن الحجارة تنكب رجليه وهو يقول : إنما كنا نخوض ونلعب ، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66]) ما يلتفت إليه وما يزيده عليه ]. ……

وفي هذا الخبر فوائد عظيمه ومنها :

– وجوب تعظيم الله وتوقيره وكذا تعظيمِ نبيه صلى الله عليه وسلم وتوقيرهِ فإن ذلك من لوازم الإيمان قال تعالى ( إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيراً لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا)

ومنها وجوب تعظيم القرآن الكريم واحترامه لأنه كلام الله سبحانه وتعالى وقد وصفه الله بالعظمة والكرم وأمر بالإيمان به وتدبره والعمل به وتعظيم ما فيه من الشعائر ومع ذلك فمن الناس من يتجرأ على كتاب الله كما يفعله السحرة والمشعوذون من إهانة المصحف وتنجيسه عليهم من الله ما يستحقون .

ومن الناس من يسخر بما فيه العقائد والأحكام والآداب ويعدها مصادمِة للحرية وتخلفاً ورجعية .

وكلا الأمرين كفر وردة والعياذ بالله .

كما يحسن التنبيه هنا إلى أنه قد يقع من بعض الأطفال والمراهقين تقطيع المصاحف أو العبث بها ونحو ذلك من الأفعال المشينة الدالة على سوء التربية في الغالب فيجب زجرهم والأخذ على أيديهم حتى لا يعودوا لما فعلوا .

ومنها : وجوب احترام سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمها وتوقيرها فهي وحي من الله كما قال تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) فمن سخر بشيء من السنة أو انتقدها أو هزل بها فقد ارتد عن دين الإسلام  ومن الناس اليوم من يتهاون بالسنة ويزهد فيها ويسميها قشورا وينتقد من يعتني بدراستها وتعليمها للناس ويجعلهم محل سخريته وازدرائه والعياذ بالله مما يخشى معه أن يكون ذلك من السخرية والاستهزاء الذي يخرج به صاحبه من الملة .

ومنها وجوب احترام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحريم تنقصهم وسبهم فأنهم أنصار الله ورسوله وحملة الدين ونقلته فالطعن فيهم وتنقصهم معناه عدم الثقة بالدين كله والواجب على كل مسلم أن يحذر من كل طاعن في أصحاب رسول الله فردا كان ذلك الطاعن أو طائفة .

وإذا ظهر لك من داعية إسلامي أو جماعة إسلامية أو قناة إسلامية _كما يقال_ الطعن في واحد من الصحابة أو أكثر فاحذر منه غاية الحذر فإنه ينطوي على خبث عظيم وشر كبير .

ومنها : وجوب تعظيم علماء الشريعة المستقيمين على السنة الذين عرف عنهم تعظيم الدليل  وبذل الوسع في إصابة الحق فتعظيمهم هو من تعظيم الشريعة التي يحملونها ولا يجوز تنقصهم و لا ازدراؤهم ولا إساءة الظن بهم ومن غلط منهم فيرد عليه ويناصح لكن بأدب واحترام

وقد ظهر في هذه الأزمان سب علماء الشريعة والتهوين من قدرهم ولمزهم بالأوصاف المنفرة حتى وُصِفوا بالجهل للواقع والغش للأمانة والعمالة للحكام والتلاعب بالدين مراعاة لخواطرهم وطلبا لما عندهم من الدنيا إلى غير ذلك من الأوصاف الذميمة التي أثرت في كثير من شباب الأمة فانصرفوا عنهم ثم وقعوا في حبال الأئمة المضلين فحرفوهم عن الصراط المستقيم والمنهج القويم.

ومن فوائد الخبر أنك إذا نظرت فيه وجدت المتكلم في ذلك المجلس كان واحداً ولكن  الله عمم الحكم فقال (كنتم تستهزؤن) فعدهم كلهم مستهزئين . والسبب في ذلك أنهم لم ينكروا بل سكتوا فصاروا شركاء وسلم ذلك الشاب وبرىء  من الإثم لأنه أنكر فالواجب على المسلم أن يقوم من المجالس التي يسخر فيها بدين الله كما قال تعالى (وإذا رأيت الذين  يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) وقال سبحانه (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذن مثلهم )

ومنها أن التبليغ عن المنافقين والمفسدين في الأرض والساخرين بالدين وكل من يخشى شره و ضرره عمل صالح مشروع إذ هو من التعاون على البر والتقوى وهو من النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم وليس هو من النميمة المذمومة  فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر عوفا على تبليغه عن أولئك النفر و صدقه القرآن .

ويحسن التنبيه هنا على أن التبليغ عن الخلايا الإرهابية وأصحاب الفكر الضال أنه من هذا العمل الصالح المشروع حتى يكف بأسهم عن الإسلام وأهله .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين …

 الخطـبة الثانيـــة

أما بعد :

فلقد تبين مما تقدم أن الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله ردة مخرجة عن دين الإسلام ولو صدرت من باب المزح والتسلية وإضحاك الجلساء أو من باب التمثيل لإضحاك المشاهدين .

وهذا يوجب على المسلم أن يحذر كل الحذر من السخرية بجميع صورها وأشكالها وأن يملأ قلبه تعظيماً وتوقيراً ومحبة لربه ولدينه ولرسوله صلى الله عليه وسلم .

كما على المسلم أن يسعى في إنكار هذا المنكر بما يقدر عليه بيده إن كان صاحب أمر وسلطان وبلسانه وقلمه إن كان صاحب علم وبيان.. أو يكتفي بالإنكار بقلبه إذا عجز عن كل ما سبق .

ولكن الإنكار يجب أن يكون مبنياً على العلم والعدل لأن من الناس من يفهم من التكفير العام على أنه تكفير للمعين فينقض على فلان بن فلان فيكفره بعينه دون مراعاة لضوابط تكفير المعين .

ومنهم من يكفر بصورة ليست مكفرة كمن سخر بشخص من المتمسكين بالدين لكن ليس لأجل دينه وإنما لعداوة شخصية بينه وبينه .

ومنهم من يكفر شخصاً بعينه لكونه سخر بشيء من الدين ولكن المسألة المسخور منها مسألة خفية ليست من المعلوم من الدين بالضرورة فلا يعلم ذلك الساخر أنها من دين الله وهذه الصور الثلاث كلها من التكفير بغير حق.

ومن الناس من يحاول إنكار المنكر بطريقة يترتب عليها من الفساد والشر أكبر من المنكر الذي قصد إنكاره غيرة للدين وحمية لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم لكنها غيرة وحمية لم تضبط بحكم الشرع . كمن يهدر دم فلان ظلماً وعدواناً أو يتولى هو بزعمه إقامة الحد على ذلك الساخر فيقتله دون تخويل من ولي الأمر .

إن الخطأ لا يعالج بالخطأ ولكن يعالج بالطرق الشرعية حتى يحصل المقصود من تشريع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي يتمثل في تقليل المفاسد وتكثير المصالح ما أمكن.

ثم اعلموا رحمكم الله أن خير الحديث كتاب الله..

2 comments

  1. جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم وفي جهودكم

  2. أبوهريره القطعاني

    بارك الله فيك ونشهد الله اني احبك في الله

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *