جديد الإعلانات :

العنوان : صفة النار نعوذ بالله منها خطبة مكتوبة

عدد الزيارات : 15884

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساء لون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)

أما بعد:

فإن الله تعالى خلقنا لعبادته وأمرنا بطاعته ونهانا عن معصيته ومما يعين العبد على الثبات والاستقامة وقمع نفسه عن اتباع الشهوات والغواية أن يتذكر ما توعد به ربه من عصاه وخالف أمر الله واتبع هواه فقد توعد الله أهل معصيته بنار عظيمة وعقوبات أليمة .

توعدهم بنار لا تشبه نار الدنيا مع أن نار الدنيا تذيب الصلب الحديد وتصهر الصخر الشديد فضلا عن أجسادنا الضعيفة فما ظنك بتلك النار نار جهنم التي تزيد على نار الدنيا بتسعة وستين جزءاً والعياذ بالله.

إن نار جهنم نار عظيمة إذا اردت أن تتخيل عظمتها فتذكر أنها يجاء بها يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها كما صح عنه صلى الله عليه وسلم,

نار بالغة العمق والسعة فقد كان الصحابة مع  النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت شيء سقط فقال لأصحابه تدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم فقال هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار . حتى الآن انتهى إلى قعرها” رواه مسلم.

ولا يعلم شدة عذابها إلا الله يقول صلى الله عليه وسلم «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ، تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ، يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ» متفق عليه، فإذا كان هذا حال أخف أهلها عذاباً فما حال من هو أشد من ذلك. والعياذ بالله.

عباد الله إن عذاب اهل النار _ أجارنا الله وإياكم_ ليس بالنار فقط ولكنهم يُذاقون فيها أصنافاً وألواناً من العذاب فمن عذابهم أن تسلط عليهم الحيات والعقارب تسيمهم سوء العذاب يقول صلى الله عليه وسلم : ” إن في النار حيات كأمثال أعناق البخت _ أي كأعناق الإبل _ تلسع إحداهن اللسعة فيجد حرها سبعين خريفا وإن في النار عقارب كأمثال البغال الموكفة تلسع إحداهن اللسعة فيجد حَمْوَتَها أربعين سنة” رواه أحمد. وحموة اللسعة أي حرارتها وألمها.

كما أن أهل النار في النار يشربون ويأكلون لكن نعوذ بالله من طعامهم وشرابهم  يجيء الملك بإناء فيه ماء حميم حار فيقرب من وجه الكافر فلا يطيق شربه فيضرب رأسه بمقمعة من حديد تفرغ دماغه ثم يصب الماء في راسه فيدخل جوفه فيصهر ما يمر عليه في جوفه ثم يعيد الله خلقه وهكذا حاله أبداً والعياذ بالله قال تعالى {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج: 19 – 22]وقال تعالى {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15]

وأما طعامهم فليس لهم طعام إلا من ضريع لا يذهب الجوع ولا يقيم البدن بل هو خبيث الطعم والرائحة والمنظر لا يزيد آكله إلا عذاباً قال تعالى {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ} [الدخان: 43 – 50] وقال تعالى (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) وقال تعالى : {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ} [الصافات: 63 – 68]

ولأهل النار ثياب يلبسونها وفرش وأغطية ولحف يلتحفون بها ولكن كلها من نار حميم وعذابٍ اليم كما قال تعالى {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} [الحج: 19] قال المفسرون ثيباهم من نحاس حتى يكون أشد لعذابهم والعياذ بالله وقال تعالى { لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 41] وقال تعالى { سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [إبراهيم: 50] أي لهم ثيابهم من قطران حتى يمسك القطران النار والحرارة على أجسادهم فيكون أشد لعذابهم.. عباد الله :

إن الله قد وصف لنا النار في كتابه حتى نخافه ونجتنب معصيته ونهابه، ونستقيم على طاعته ونبادر إلى مرضاته فاتقوا الله واتقوا النار باجتناب أعمال أهل النار.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان واقتفى أثرهم. وسلم تسليما

أما بعد: فاتقوا الله تعالى واعلموا أن أعظم سبب نتقي به عذاب الله إخلاص الدين لله بعبادته وحده لا شريك له، فمن لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة. ومن حقق التوحيد دخل الحنة بغير حساب ولا عذاب، ومن لقي الله بالشرك الأكبر كان خالداً في النار أبد الآباد قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } [النساء: 48] فاتقوا النار باجتناب الشرك كله أكبره وأصغره

واتقوا النار باجتناب كبائر الآثام فإنها الموبقات التي تهلك أصحابها في جهنم ومن الكبائر القبائح الفواحش: قتل النفس التي حرم الله والزنا وعمل قوم لوط وأكل أموال الناس بالباطل رباً أو سرقة أو رشوة أو غصباً ، ومنها شرب الخمور والمسكرات وشهادة الزور ولعن الوالدين وقطيعة الرحم..

 وأكثروا من الأعمال الصالحة ولا تستحقرواً قليلاً أو كثيراً من العمل الصالح فإنكم لا تدرون ما الحسنة التي بها تفوزون بها بجوار الرب البر الرحيم وتستنقذون أنفسكم بها من عذاب الجحيم عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ما منكم من أحد إلا سيكلِّمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدّم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النارَ تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشقّ تمرة، ولو بكلمة طيبة)) أخرجه البخاري.

اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار، {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)}

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى اللهم أحسن لهم البطانه واجعلهم من أهل التقوى والديانة والنصح والصدق والأمانة. اللهم اصلح أحوال المسلمين في كل مكان ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *