العنوان : عدالة القضاء السعودي والتحذير من الحملات الإعلامية المغرضة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن من حكمة الله تعالى أن شرع القضاء والحكم بين الناس لردع الظالم ونصر المظلوم ورد الحقوق لتسكن النفوس وتطمئن القلوب ويثبت الأمن وتستقيم أحوال العباد والبلاد.
ولا حكم ولا قضاء تتم به المصالح ويحصل به المقصود من تحقيق العدالة مثل الحكم والقضاء بشرع الله لأنه حكمٌ من خالق الإنسان العليم بمصالحه كما قال تعالى (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)
فحكم الله تعالى هو أحسن الأحكام كما قال تعالى {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ولا يحل الحكم بغير شرع الله ولا التحاكم إلى غير شرعه. كما قال تعالى {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ}
ومن أعظم الأحكام الشرعية تلك التي جاءت للحفاظ على الضروريات الكبرى التي لا تنتظم مصالح الدين والدنيا الا بها وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال فكانت عقوبة من يفسد دينه بالردة هي القتل كما في قوله صلى الله عليه وسلم (من بدل دينه فاقتلوه).
ومن اعتدى على نفس معصومة فقتلها بغير حق أو قطع عضواً من إنسان كيده أو رجله أو أتلف حاسة من حواسه كالسمع والبصر فإن الشريعة جاءت آمرة بالقصاص بالمثل كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وقال تعالى { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}
وعاقبت الشريعة من يعتدي على نعمة العقل فيفسدها بشرب الخمور والمسكرات بجلده أربعين أو ثمانين جلدة، وجعلت عقوبة الزاني المحصن الرجم بالحجارة حتى يموت، وجلد الزاني البكر مائة جلدة وتغريبه عن بلده مدة عام.
وعاقبت الشريعة الإسلامية من يعتدي على أموال الناس بسرقتها بقطع اليد اليمنى من مفصل الكف كما قال تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
وجعلت الشريعة الإسلامية الحكيمة عقوبة من يدنس أعراض أهل العفة من المسلمين برميهم بالزنا ثمانين جلدة ولا تقبل لهم شهادة حتى يتوبوا كما قال تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
وأما من يسعى في الارض بالفساد ويقطع الطريق ويخيف الناس بسلاحه فإن الشريعة أمرت بتغليظ عقوبته كما قال تعالى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
ولما كان مدار الأمن في الأوطان على السمع والطاعة لولي الأمر كان الخارج عليه مستحقاً للقتل حفاظاً على أمن الناس في أرواحهم وأموالهم وأعراضهم وعلى اجتماعهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ وَهَنَاتٌ – وَرَفَعَ يَدَيْهِ – فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ يُرِيدُ تَفْرِيقَ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ جَمِيعٌ، فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ» وقال صلى الله عليه وسلم «أَيُّمَا رَجُلٍ خَرَجَ يُفَرِّقُ بَيْنَ أُمَّتِي، فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» رواهما النسائي.
ولا بد أن نعلم يا عباد الله أن الحدود والعقوبات الشرعية مرجعها إلى ولي الأمر وليست متروكة إلى أفراد الناس وذلك لتحقيق العدالة واجتناب الظلم والحيف والأهواء والفوضى.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن هذه الدولة السعودية المباركة قد شرفها الله تعالى بأن وفقها للحكم بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فقضاؤها قضاء شرعي كما ينص على ذلك نظامها الأساسي للحكم والحمد لله.
وإن دولتنا لكثرة من يحسدها على ما حباها الله به من الخيرات ولكثرة من يعاديها لعقيدتها السلفية السنية فإنها تواجه حملات إعلامية مغرضة ومنها الحملات التي تطعن في قضائها عدالة ونزاهة، ولا يخفى أن هذه الحملات على القضاء تشتد حين تتم محاكمة المتورطين في جرائم الإرهاب والتنظيمات المحظورة أو المتهمين بها من أجل التشويش على الرأي العام ومن أجل استعداء الدول والمنظمات العالمية.
وقد حَذَّرَنا كبار علمائنا قديماً وحديثاً من الإصغاء إلى حملات التحريض والتشكيك سواء صدرت من أطراف داخلية أو خارجية من أسماء معروفة أو مجهولة.
فليس القصد من هذه الحملات إلا تقويض أمننا وتفريق كلمتنا وسلخنا من ديننا وعقيدتنا. فلنكن على ثقة تامة بقضائنا ومحاكمنا وولاة أمرنا فإننا رأيناهم يطبقون حكم الله على أفرادهم من العائلة المالكة وأي برهان نطلبه أكبر من هذا على استقلال القضاء ونزاهته وانطلاقه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
اللهم احفظ بلادنا وأمننا واجتماع كلمتنا اللهم عليكم بمن يكيد لهذه البلاد خاصة ولبلاد المسلمين عامة اللهم اشغله بنفسه وسلط عليه من يسيمه سوء العذاب اللهم اجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميره يا قوي يا عزيز. اللهم وفق قضاتنا للحكم بالعدل وإحقاق الحق ورفع الظلم حتى لا يخافون فيك لومة لائم. اللهم آمنا في دورنا وأصلح ووفق أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك وأيدهم بتأييدك يا رب العالمين. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
جزاك الله خير الجزاء شيخنا الدكتور علي الحدادي ونفع بك الأمة وحفظ الله السعودية من كل شر وفتنة، وحفظكم الله يا علماء الدعوة السلفية الصحيحة