العنوان : ملخص لبعض أحكام الصيام
الخطبــة الاولــى
أما بعد :
فإن خير ما يستقبل به شهر رمضان التفقه في الأحكام المتعلقة به حتى يؤدي المسلم هذا الركن العظيم على الصفة الشرعية المطابقة لكتاب الله ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن العبادات مبناها على التوقيف أي على اتباع النصوص من الكتاب والسنة. قال صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .
أما من عبد الله على جهالة فإنه على خطر عظيم أن يرد عمله عليه فلا ينتفع به ويكون له نصيب من قوله تعالى (عاملة ناصبة تصلى نارا حامية).
إن الأحكام المتعلقة بالصوم كثيرة ومنها على سبيل الإيجاز المسائل التالية :
الأولى : تعريف الصيام . الصيام في الشرع هو التعبد لله تعالى بترك الطعام والشراب والشهوة من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس .
وقد شرع في السنة الثانية من الهجرة قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) ففرضه علينا وأخبر أنه قد فرضه على من قبلنا تنبيهاً على شرف الصيام وجلالته، وتسلية لأهل الإيمان بأن من قبلهم صاموا فتخف وطأة الجوع والعطش بسبب ذلك.
ثم بين العلة التي لأجلها شرع الصيام وهي تحقيق تقوى الله تعالى بفعل أوامره واجتناب نواهيه تنبيها على أن القصد منه ليس مجرد الاقتصار على صورة ترك الطعام والشراب والشهوة دون اجتناب المعاصي وفعل الطاعات.
الثانية : يجب صوم رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر رجلاً كان أو امرأة . فالكافر لا يقبل منه الصيام حتى يسلم والمجنون مرفوع عنه قلم التكليف حتى يفيق.
والصغير الذي لم يبلغ لا يجب عليه صيام لكن إذا صار قادراً عليه فيؤمر به تمرينا عليه وتعويداً حتى لا يبلغ إلا وقد ألف الصيام وأحبه.
والعاجز بسبب مرض دائم أو كبر لا يمكنه معه الصيام لا يجب عليه بل ينتقل إلى الإطعام.
الثالثة :
لا يثبت دخول شهر رمضان شرعاً إلا بأحد أمرين رؤية هلاله بعد غروب الشمس من اليوم التاسع والعشرين من شعبان . فإن لم ير فبإتمام شعبان ثلاثين للأحاديث الصحيحة في هذا الموضوع . وتكفي شهادة مسلم واحد عدل في إثبات دخول شهر رمضان . وأما الحساب الفلكي أو الرؤية بالمراصد والمكبرات فلا يلتفت إليها لأن ديننا دين يسر وسماحة لا تعنت فيه وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرؤية فإن عدمت صرنا إلى إكمال شعبان ثلاثين.
الرابعة :
لا يجوز للمسلم أن يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين كما ثبت بذلك الحديث لكن يجوز له أن يصوم قضاء بل يجب إذا لم يتبق من شعبان إلا بقدر أيام القضاء ، ويجوز له أن يصوم صومه المعتاد كمن اعتاد أن يصوم الاثنين ووافق الاثنين آخرَ شعبان فلا حرج عليه أن يصوم.
الخامسة :
يجب على المسلم أن يبيت الصوم الواجب قبل طلوع الفجر، وإذا دخل رمضان وحدث المسلم نفسه عازماً أنه يصوم الشهر كله فهذا يكفي إن شاء الله وإن جدد نية الصوم كل ليلة فهو أحسن وتسحره دليل على نيته. وإذا استيقظ المسلم بعد طلوع الفجر أول أيام رمضان ولم يعلم به قبل الفجر فإنه يمسك وعليه القضاء.
السادسة :
من رحمة الله تعالى أن جعل للمسلم أعذاراً تبيح له الفطر وهي الأعذار التالية:
العذر الأول : المرض وهو المرض الذي يشق معه الصوم
العذر الثاني : السفر بأي وسيلة كانت إذا كان السفر مسافة قصر ولم يقصد به التحايل على الصيام.
الخامس والسادس : الحمل والرضاع فإذا خافت الحامل والمرض على نفسيهما أو خافت الحامل على جنيهنا أو خافت المرضع على رضيعها أفطرتا ثم قضتا .
العذر السابع : الكبر الذي يشق معه الصوم مشقة بالغة.
العذر الثامن : أن يحتاج إلى نقذ نفس معصومة من غرق أو حريق أو حادث سير ولا يتمكن من إنقاذه إلا إذا أفطر .
المسالة السابعة :
يفسد الصيام بحصول أحد المفسدات التالية:
الأول : الجماع
الثاني : إخراج المني عمدا أما لو خرج في النوم احتلاماً فصومه صحيح
الثالث: الأكل والشرب عمداً فإن أكل أو شرب ناسياً فليس عليه شيء.
الرابع: استعمال الإبر المغذية والحقن الشرجية والأدوية المأكولة أو المشروبة.
الخامس : الحجامة ومثلها التبرع بالدم.
السادس : تعمد إخراج القيء.
السابع والثامن : الحيض والنفاس فإذا حاضت المرأة أو نفست بطل صومها ولو رأت الدم قبل الغروب بلحظة .
المسألة الثامنة :
من أحكام القضاء :
من افطر بسبب سفر أو مرض أو حيض أو نفاس فليس عليه إلا القضاء
ومن أفطر بسبب عذر دائم لا يزول كالكبير أو المريض مرضا لا يرجى شفاؤه منه فيطعم عن كل يوم مسكيناً لكل مسكين نصف صاع وإن جمع المساكين وأطعهم حتى أشبعهم أجزأه ذلك.
ومن أفطر بسبب الجماع فعليه التوبة والقضاء والكفارة المغلظة وهي عتق رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
وإذا أفطرت الحامل والمرضع فعليهما القضاء وإن أطعمتا مع القضاء خروجاً من الخلاف فهو أحوط.
ومن أفطر متعمدا بلا عذر فعليه مع القضاء التوبة إلى الله تعالى .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم .
الخطبــة الثانيــة
هناك مسائل يكثر عنها سؤال الناس في رمضان ومنها:
حكم الأكل والشرب عند سماع الأذان . والجواب أن الله عز وجل أمرنا بالإمساك عن المفطرات إذا طلع الفجر فإذا كان المؤذن يؤذن عند طلوع الفجر فلا يجوز الأكل والشرب ومن أكل متعمداً يعتبر مفطراً. وإن كنا لا ندري هل يؤذن على الوقت أم قبله فيقال الأحوط أن تمسك عند سماعك الأذان فلا تأكل ولا تشرب.
ومن المسائل استعمال بخاخ ضيق التنفس والجواب إذا كانت كبسولات تنفث في الفم فهي مفطرة وإن كانت بخاراً أو غازا يتبخر في الفم فلا حرج في استعمالها .
ومن المسائل : استعمال الإبر هل تفطر أم لا ويقال إذا كانت إبراً مغذية فهي مفطرة وإن لم تكن مغذية كالإبر التي تكون في العضل فليست مفطرة .
ومن المسائل : إذا جامع قبل الفجر وطلع عليه الفجر قبل أن يغتسل فهل صومه صحيح والجواب نعم صومه صحيح فقد كان يحصل ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن المسائل : إذا أكل قبل المغرب يظن الشمس قد غابت أو اشتبه عليه صوت فظنه صوت المؤذن للمغرب فالصحيح أن صومه صحيح وليس عليه قضاء.
ومن المسائل :
إذا وصل شيء من ماء الوضوء إلى حلقه هل يبطل صومه الجواب لا يبطل صومه إذا كان بغير اختياره وأما إذا تعمد فصومه باطل . والنبي صلى الله عليه وسلم ارشد إلى المبالغة في المضمضة إلا في حال الصيام
ومن المسائل : حكم غسيل الكلى للصائم والجواب أنه من المفطرات فمن احتاج إليه في أثناء النهار أفطر وقضى يوما مكانه.
اللهم فقهنا في دينك وارزقنا بلوغ رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانا واحتساباً.
اللهم أعز الإسلام ….