شكر الله تعالى على نعمة الأمن والاستقرار توقير كبار السن اسم الله تعالى (الحفيظ) و (الحافظ) اسم الله تعالى (الفَتّاح). مكانة المساجد والمحافظة عليها. التحذير من الغيبة والنميمة التحذير من جهلة مفسري الأحلام

العنوان : من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

عدد الزيارات : 6720

أما بعد:

فإن الصحابة رضوان الله عليهم هم صفوة الله من خلقه بعد النبيين والمرسلين اختارهم الله لصحبة نبيه ولحفظ دينه ونقله الى الأمة من بعده،  وقد اثنى الله عليهم وفي كتابه وأثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، وإن أولى الصحابة بالنصيب الأوفى من الفضائل التي أعدها الله لأصحاب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هو ابو بكر الصديق وذلك لما اختصه الله من بينهم بالمزايا والخصائص التي لم تجتمع في غيره بكمالها كما اجتمعت فيه رضي الله عنه، فقد كان أول الرجال إيماناً بمحمد صلى الله عليه وسلم لم يتردد ولم يتلكأ بل بادر إلى الإيمان والتصديق، فكان صديق هذه الأمة رضي الله عنه والصديقية رتبة عالية جعلها الله بعد رتبة النبيين وقبل رتبة الشهداء.

ثم انطلق بعد إيمانه داعيا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدين الحق فاسلم بدعوته عدد من سادات هذه الأمة منهم عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وابو عبيدة

ولما كان من أهل اليسار والمال والثراء فقد سخر ماله في خدمة الدين ونصر الله ونصر رسوله صلى الله عليه وسلم ليكون مثالا حسنا وقدوة صالحة لتجار المسلمين أن يقتطعوا من أموالهم نصيباً ينصرون به سنة محمد صلى الله عليه وسلم وقد نوه النبي صلى الله عليه وسلم بنفقات ابي بكر في سبيل الله حتى قال (ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر فبكى أبو بكر وقال هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله) رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.

وقد بلغ به البذل في ذات الله في بعض أيامه أن انفق ماله كله ولم يدخر لنفسه ولا لأهله شيئاً وذلك مشروع في حق من كان عظيم التوكل والثقة في الله. قال أسلم العدوي: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت مثله قال وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله قلت لا أسابقك إلى شيء أبدا) رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني.

وكان أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم على الإطلاق ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه قال (إن أمنّ الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذ خليلا من أمتي لأتخذت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته)

وسأل عمرو بن العاص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أي الناس أحب إليك قال عائشة قال من الرجال قال أبوها) متفق عليه

وكان رضي الله عنه من عظم الناس شجاعة وثباتاً ورباطة جأش فقد كان رفيقَ النبي صلى الله عليه وسلم  في  الغار في رحلة الهجرة إلى المدينة وكانت أياما محفوفة بخطر القتل لاجتهاد قريش في قتله صلى الله عليه وسلم وقتل أبي بكر ، وقد نوه الله بشأنه وموقفه ذلك فقال سبحانه (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)  [التوبة : 40]

وكان رفيقه يوم بدر في العريش مركز القيادة وهو مقصد العدو ومطمح أمالهم فليس شيء أحب إلى قلوبهم من الانقضاض عليه وقتل من فيه ، وكان الثابت معه يوم أحد ويوم حنين يوم طاشت العقول وولت الأبطال لهول الموقف ولكنه رضي الله عنه ثبت بتثبيت الله له مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتهيأ له أن يصحب النبي صلى الله عليه وسلم من أول بعثته إلى أن لحق بالرفيق الأعلى لم يتخلف عنه في سفر ولا مشهد إلا أن يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم أو يأمره بأمر.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على إشهار فضل ابي بكر لتعرف له الأمة سابقته وفضله ومكانه وقد عرف المسلمون فضله إلا من أعمى الله ابصارهم وطمس على قلوبهم. فمن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم صعد جبل أحد ومعه أبوبكر وعمر وعثمان فرجف الجبل فقال (اسكن أحد فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان) و عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال  : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه و سلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( أما صاحبكم فقد غامر ) . فسلم وقال إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك فقال ( يغفر الله لك يا أبا بكر ) . ثلاثا ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثم أبو بكر فقالوا لا فأتى إلى النبي صلى الله عليه و سلم فسلم فجعل وجه النبي صلى الله عليه و سلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي صلى الله عليه و سلم ” إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق . وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي ” . مرتين.  فما أوذي بعدها) رواه البخاري.

فرضي الله عن أبي بكر وجزاه عن الإسلام وأهله خير الجزاء ، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

أما بعد:

ومن مناقب ابي بكر وفضائله أنه لما ولي الخلافة وارتدت عامة العرب شمر سيف الجهاد وقاتل المرتدين حتى رجع الناس إلى حياض الدين مرة أخرى فأنقذ الله الإسلام بثباته وصلابته وسداد رأيه.

ثم إنه جيش الجيوش وارسلها إلى الشام وإلى العراق تدعو إلى التوحيد وتقاتل من يصد الناس عن الدين ونصر الله جنوده وأعز دينه ومات رضي الله ورايات الإسلام تخفق شاما وعراقاً وأتم المسيرة بعده عمر الفاروق.

ومن مناقبه وفضائله أنه أمر بجمع المصحف في كتاب واحد خشية عليه من الضياع وكان قبل ذلك مفرقاً في الصحف والحجار والعظام عند هذا شيء منه وعند ذاك شيء منه فلو بقي الحال لذهب فكان في هذا القرار التاريخي حفظ المصحف تصديقاً لوعد الله حيث قال (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)

ومن مناقبه وفضائله حرصه العظيم على لزوم سنة محمد صلى الله عليه وسلم وعدم التفريط فيها ولو عارضه من عارضه وخالفه من خالفه كما تبين ذلك منه قصة الحديبية وفي قضية إنفاذ جيش أسامة بُعيد موت النبي صلى الله عليه وسلم وفي ميراث النبي صلى الله عليه وسلم  وكان يقول (لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعمل به إلا عملت به فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ) متفق عليه.

أيها الإخوة:

لما كان ابو بكر بهذه المنزلة العظيمة جاءته البشارة بالجنة بل إنه إن شاء الله ممن يدعى من أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء قال صلى الله عليه وسلم (أبو بكر في الجنة) رواه أبو دواد وغيره.

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه أَنَا. قَالَ « فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه أَنَا. قَالَ « فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه أَنَا. قَالَ « فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا اجْتَمَعْنَ فِى امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ». رواه مسلم وأخرج ايضا عن ابي هريرة  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ نُودِىَ فِى الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ».

ونحن نشهد أنه من أهل الجنة وأنه خير أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأنه أحق الناس بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ونترضى عنه وعن ابنته الصديقة أم المؤمنين ونتقرب إلى الله بحبهم ونبغض منه يبغضهم ونبرأ إلى الله منهم.

…………..


اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مُعلمة بـ *