العنوان : من فضائل الوضوء وأحكامه
الخطـبة الأولى
أما بعد:
فإن الوضوء من العبادات التي يحبها الله ويرتب عليها الأجر الجزيل والفضل الكبير، وفي فضله يقول صلى الله عليه وسلم (الطهور شطر الإيمان) أي نصفه ومن توجيه أهل العلم لهذا الحديث أن الإيمان منه ما يتعلق بالقلب ومنه ما يتعلق بالبدن ، والطهارة تتعلق بالبدن فكانت شطراً بهذا الاعتبار.
ومن فضائله أنه من أسباب تكفير الذنوب والخطايا عن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « إذا توضأ العبد المسلم – أو المؤمن – فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء – أو مع آخر قطر الماء – فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء – أو مع آخر قطر الماء – فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء – أو مع آخر قطر الماء – حتى يخرج نقيا من الذنوب ». مسلم
والمحافظة على الوضوء من علامات الإيمان , عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن” رواه ابن ماجه بإسناد صحيح
ومن شرف المتوضئين من هذه الأمة خاصة أن الله يبعثهم يوم القيامة غراً محجلين منيرةً جباهُهم منيرةً أطرافُ أيديهم وأرجلهم كرامة لهم من الله جل وعز ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء . الحديث, متفق عليه.
وبهذه العلامة الشريفة يعرف النبي صلى الله عليه وسلم أفراد أمته ممن لم يعرفهم في حياته. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله قال : أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد قالوا : كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله قال : أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله قالوا بلى يا رسول الله قال فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرَطُهم على الحوض ، رواه مسلم ومعنى فرطهم أي سابقهم على الحوض . وفرط القوم الذي يسبقهم إلى البئر ويهيئ لهم الدلاء والرشا. فهنيئاً لمن كان محمد صلى الله عليه وسلم فرطَه على الحوض.
ومن فضائل الوضوء والصلاة بعده أنه سبب لتكفير الذنوب ودخول الجنة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال : يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة قال ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طُهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطُهور ما كتب لي أن أصلي متفق عليه
وعن حمران مولى عثمان أنه سمع عثمان بن عفان وهو بفناء المسجد فجاءه المؤذن عند العصر فدعا بوضوء فتوضأ ثم قال والله لأحدثنكم حديثا لولا آية فى كتاب الله ما حدثتكم إنى سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء فيصلى صلاة إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التى تليها ». وقوله (لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم ) أي الآية التي فيها التحذير من كتمان العلم . وقوله 🙁 لا يتوضأ رجل مسلم.. ) لا مفهوم له أي أن هذا الفضل لا يختص به الرجل وحده بل تدخل فيه المرأة المسلمة أيضاً
ومن توضأ ثم ذكر الله بما شرع لنا النبي صلى الله عليه وسلم فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ، عن عقبة بن عامر قال كانت علينا رعاية الإبل فجاءت نوبتي فروحتها بعشي فأدركت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائما يحدث الناس فأدركت من قوله « ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلى ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة ». قال فقلت ما أجود هذه . فإذا قائل بين يدي يقول التـي قبلها أجود. فنظرت فإذا عمر قال إني قد رأيتك جئت آنفا قال _يعني النبي صلى الله عليه وسلم _ « ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ – أو فيسبغ – الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ». رواه مسلم.
وإسباغ الوضوء على المكاره من أسباب رفعة الدرجات وتكفير السيئات عن أبى هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال « ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ». قالوا بلى يا رسول الله. قال « إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ». رواه مسلم ، ومعنى إسباغ الوضوء على المكاره أي إتمامه كما أمر الله مع وجود مشقة محتملة كالوضوء أيام الشتاء والبرد حيث يكثر تهاون كثير من الناس في إسباغ الوضوء.
جعلني الله وإياكم من التوابين ومن المتطهرين فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطـبة الثانـــية
أما بعد:
فإن للوضوء أحكاماً متنوعة منها ما يجب وجوباً عينيا على كل مسلم ومسلمة ومنها ما يستحب فعله والحرص عليه تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم وطلباً للأجر
فمن أحكامه أن الصلاة لا تقبل إلا به لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور) وفي الحديث الآخر (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)
وإذا حضرت الصلاة والمسلم على وضوء فيستحب له أن يجدد وضوءه ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوماً كل الصلوات الخمس بوضوء واحد لكان الوضوء لكل صلاة واجباً لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)
ويجب الوضوء بماء طاهر غير متغير بنجاسة وينوي ويسمي الله ثم إن الصفة الكاملة فيه هي أن يغسل كفيه ثلاثاً ثم يتمضمض ويستنشق ويستنثر ثلاثاً ثم يغسل وجهه ثلاثاً ثم يغسل يديه من أطراف أصابعه إلى المرفق ثلاثاً ثم يمسح رأسه يبدأ بمقدم رأسه حتى يصل إلى قفاه ثم يردهما من حيث بدأ ويمسح أذنيه باطنا وظاهراً ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثاً
ومن سنن الوضوء السواك لقوله صلى الله عليه وسلم:” لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء” رواه مالك في الموطأ. وغسل الكفين ثلاث مرات في أول الوضوء.
وتخليل اللحية لحديث عثمان ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته.” رواه الترمذي وصححه. BR>و تخليل الأصابع لحديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك.”
و من السنن المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم لحديث لَقيط “وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً.”
ومن السنن الوضوء ثلاثاً ثلاثاً.. فإنه يجوز الاقتصار على واحدة واحدة.. واثنتين اثنتين، ويجوز غسل بعض الأعضاء مرة واحدة وبعضها مرتين وبعضها ثلاثاً..
و من المحذورات في الوضوء ما يلي:
1) ترك بعض العضو فلا يصل إليه الماء.. مثل المرفقِ وعقبِ القدم.. فربما يستعجل المسلم في وضوءه فلا يصل إلى هذه الأجزاء ماء الوضوء وبذلك يبطل وضوءه وتبطل صلاته. ومن هذا الباب ما يفعله بعض النساء من الوضوء والمناكير على أصابعها.. فمن فعلت ذلك فوضؤها غير صحيح لأن المناكير تمنع وصول الماء إلى ما تحتها.. وليست مجرد لون كالحناء.
ومن هذا الباب إن بعض العمال هداهم الله ووفقهم للخير يتوضأ وفي يديه ورجليه ووجهه بقع البويا، أو الإسمنت مما يمنع وصول الماء إلى هذه الأجزاء.. وبذلك نَعلم أنه يجب عليهم إزالة هذه البقع أولاً ثم الوضوء بعد ذلك. ولا يجوز التهاون فيه فقد قال صلى الله عليه وسلم (ويل للأعقاب من النار) وأمر النبي صلى الله عليه وسلم من ترك بقعة في رجله لم يصلها الماء أن يعيد الوضوء
2) ومن المحذورات: الإسراف في الماء والزيادة على ثلاث مرات في غسل العضو وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة فوق ثلاث إساءة وظلماً
3) ومن المحاذير أن بعض الناس يذكر الله أذكاراً خاصة عند غسل الوجه وعند غسل اليدين وعند مسح الرأس وعند غسل الرجلين والحديث الوارد في هذا باطل لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
أسأل الله أن يفقهني وإياكم في دينه وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا إنه جواد كريم اللهم أعز الإسلام والمسلمين ..
بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
في البداية أتقدم إليكم بالشكر على المجهودات التي تقومون بها في سبيل نشر العلم النافع والدفاع عن السنة وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم.
وانا عندي ملاحظة بسيطة وهي أني وجدت في خطبة الشيخ علي الحدادي التي هي بعنوان (من فضائل الوضوء وأحكامه) صورة وجه تعبيري وهي موجودة في الفقرة التالية:
[[” وعن حمران مولى عثمان أنه سمع عثمان بن عفان وهو بفناء المسجد فجاءه المؤذن عند العصر فدعا بوضوء فتوضأ ثم قال والله لأحدثنكم حديثا لولا آية فى كتاب الله ما حدثتكم إنى سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء فيصلى صلاة إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التى تليها ». وقوله (لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم ) أي الآية التي فيها التحذير من كتمان العلم . وقوله 🙁 لا يتوضأ رجل مسلم.. ) لا مفهوم له أي أن هذا الفضل لا يختص به الرجل وحده بل تدخل فيه المرأة المسلمة أيضاً “]]
وأسأل الله أن يعينكم في إظهار الحق ونشره وجزاكم الله خيراً ونفع بكم.