العنوان : موقفنا من فتنة سوريا، وجريمة سب النبي صلى الله عليه وسلم
أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحفظنا وأياكم من الفتن والبلايا والمحن وأن يديم على هذه البلاد امنها واستقرارها وسكونها واطمئنانها وبردها وسلامها وان يطفئ الفتن المشتعلة في بلاد المسلمين وان يحقن دماءهم ويجمع كلمتهم على الحق إنه سميع مجيب.
أيها الإخوة في الله:
إن المسلم يتألم ويحترق ويأسف ويحزن وهو يرى إخوانه من أهل الإسلام يقتلون ويذبحون ويروعون ويشردون على أيدي زنادقة ملاحدة ينتسبون للإسلام وشتان ما بين عقائدهم وبيان الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ويأسف ويحزن وهو يرى حال إخوانه في بلد أخر وقد صار بأسهم بينهم انفرط حبلهم ووهنت قوتهم واختل امنهم ونقصت ثرواتهم.. في وضع يسوء الصديق ويغمه ويشمتُ العدو ويسره.
وكثيراً ما يسأل الانسان نفسه ما الذي يجب علي أن أفعله تجاه ما يجري من هذه الحوادث..
ولا شك أنه سؤال يفرضه على كل مؤمن صدق إحساسه بإخوة الدين والايمان وما تقتضيه تلك الأخوة من التناصر والتعاون وعدم الخذلان..
وقد أجاب علماؤنا وكبراؤنا عن هذا السؤال تكراراً ومراراً .. وخلاصة توجيهاتهم ونصائحهم فيما جرى ويجري من الفتن
أن على المسلم لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولي امره المسلم وأن كان فيه ظلم وفجور وقوفاً مع النصوص الشرعية الصحيحة الصريحة كقوله تعالى (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم). وللأحاديث الكثيرة في هذا الباب ومنها قوله صلى الله عليه وسلم ( ألا مَنْ وَلِيَ عليهِ وَالٍ ، فرآهُ يَأْتي شَيئا مِنْ مَعصيةِ اللهِ ، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا يَنْزِعَنَّ يَدا من طَاعَةٍ» أخرجه مسلم.
وأن كان الوالي كافراً خارجاً عن الإسلام وليس لدى أهل الحل والعقد والشان قدرة على تغييره فيصبرون عليه حتى يجعل الله لهم فرجاً ومخرجاً..
وإذا كان هذا هو مقتضى النصوص الشرعية وتقرير أئمة العقيدة السلفية فهو أيضاً مقتضى العقول الصحيحة والفطر السليمة لأن الصبر على ظلمه وجوره أهون شراً وضرراً من أن يتسلط عليهم فيريق دماءهم وينتهك أعراضهم ويخرب ديارهم.. ويفعل بهم الأفاعيل..
ومن تأمل الفتن القديمة والقريبة يجد انها لا تنتهي إن انتهت إلا وقد سفكت فيها من الدماء المعصومة ما لا يعلمه الا الله وترتب عليها من الأضرار والشرور والقبائح أضعاف أضعاف ما خرجوا لأجله..
فمن كان في بلد له إمام وجماعة فليلزم جماعة المسلمين وأمامهم ولا يجوز له الخروج والشذوذ وإن كان في بلد فوضى واضطراب وفرق وأحزاب فليتعزل تلك الفرق كلها. كما قال أنصح الخلق للخلق لحذيفة (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) قال حذيفة قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام (قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك) متفق عليه.
ومن كان في بلد وإخوانه الذين يفتنون في بلد أخر فيمكنه إعانتهم بالدعاء الصادق لهم وببذل النصح لهم إن كان من أهل العلم بما فيه حقن الدماء وإطفاء الفتن والاجتماع على الخير.. وإن أذن ولي امره بإعانتهم بالمال أو بغيره أعانهم بما يقدره الله عليه. وليعلم المسلم أن التمسك بحدود الشرع هو المطلوب في كل وقت وفي الفتن خاصة وليحذر من العواطف والحماسة المجردة عن حدود الشرع فإنها تضر ولا تنفع لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرى المستضعفين من أصحابه في مكة فلا يملك لهم شيئاً يدفع عنهم ألا أن يواسيهم ويوجههم ويدعو لهم دون تدخل منه بالقوة لنهي الله له عن ذلك في تلك المرحلة من تاريخ دعوته فالتزم هو وأصحابه بحكم الشرع فكانت العواقب حميدة. ولنا في رسول الله أسوة حسنة.
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد:
فإن مما أذى كل مسلم وكدره أعظم الكدر ما جاهر به أحد السفهاء من الإلحاد بالله والكفر بـاياته والسب لرسوله صلى الله عليه وسلم والانتقاص من قدره الشريف وجنابه الكريم.
وقد أحسن خادم الحرمين الشريفين أيده الله بأمره بالقبض عليه ومحاكمته شرعاً جعل الله ذلك من أثقل أعمال الصالحة في ميزانه، كما أحسنت اللجنة الدائمة للإفتاء بإصدارها البيان المختصر المفيد الذي جرمت هذا العمل واعتبرته من أعظم انواع الكفر وأنه ردة عن دين الله. وطالبت بمحاكمته شرعاً.
ايها الإخوة :
ان الكاتب الذي تفوه بإنكار وجود الله وسخر من اياته وتنقص من مقام محمد صلى الله عليه وسلم من ابناء هذا البلد فيه نشأ ودرس وتعلم وهذا يوجب علينا أن نكون يقظين حذرين على ابنائنا وبناتنا ولا سيما ما يتعلق بأصحابهم وأخدانهم ومدخلهم ومخرجهم وما يتعلق ايضاً بنوعية المواقع التي يدخلونها في شبكة النت وبرامج المحادثة والتواصل فإن شياطين الإنس يعملون بجد وجلد لا يكلون ولا يملكون يحرصون اشد الحرص على اصطياد عقول ابنائنا وبناتنا لمسخهم من دينهم وأخلاقهم والعياذ بالله.
هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على البشير النذير والسراج المنير اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمد بن عبد الله، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين المهديين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ؛ وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين،وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا، سخاءً رخاءً، وسائر بلاد المسلمين. اللهم مَن أرادنا بسوءٍ فأشغِله بنفسه، ورُدَّ كيدَه في نَحْره، واجعل تدبيرَه تدميرَه يا سميع الدعاء.
اللهم أيِّد بالحق إمامَنا خادمَ الحرمَين الشريفين، اللهم وفِّقه للبِطانةِ الصالحةِ التي تدلُّه على الخير وتُعينُه عليه، اللهم اجمع به كلمةَ المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين، اللهم وفِّقه وولي عهده إلى ما فيه عِزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين، وإلى ما فيه الخيرُ للبلاد والعباد.
اللهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال، برحمتك نستغيث، فلا تكِلنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأننا كلَّه. اللهم أحسِن عاقِبتنا في الأمور كلها، وأجِرنا من خِزيِ الدنيا وعذابِ الآخرة، اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كرب المكروبين، واقضِ الدَّيْنَ عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201]، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10].
سبحان ربك ربِّ العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين