جديد الإعلانات :

العنوان : 11- العلم قبل العمل والدعوة، ومن لم يبدأ به أفسد أكثر مما يصلح

عدد الزيارات : 2993

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) رواه البخاري ومسلم

التعليق :

1- حياة الأمة أفراداً ومجموعاً إنما يكون بالعلم الشرعي الذي به يعرف العبد حق ربه عليه وحق نفسه عليه وحق الخلق عليه فإذا قام كل بما عليه صلحت الأحوال واستقام أمر الدين والدنيا وإلا حصل فيها الفساد والخلل بقدر ما أضيع من تلك الحقوق.
وإنما يعرّف الناس بالعلم ويبصرهم به ويجبيهم عن مشكلاتهم المستجدة على ضوء الكتاب والسنة أهلُ العلم الراسخون فيه فيكشف الله بهم غمتهم، ويرفع بهم حيرتهم لذا فوجودهم نعمة وذهابهم مصيبة، وثلمة في الإسلام وأي ثلمة!!.
لقد كان السلف يشق عليهم موت العالم مشقة بالغة لعلمهم بالخير الذي يقبض بقبضه ويذهب بذهابه قال ابن مسعود يوم مات عمر رضي الله عنه إني لأحسب تسعة أعشار العلم اليوم قد ذهب.
وقال عمر رضي الله عنه موت ألف عابد أهون من موت عالم بصير بحلال الله وحرامه وكان الحسن يقول : موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما طرد الليل والنهار.
وقال هلال بن خباب قلت لسعيد بن جبير : ما علامة الساعة وهلاك الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم
وقال ابن عباس لما مات زيد بن ثابت من سره أن ينظر كيف ذهاب العلم فهكذا ذهابه.
وهذا يدل على إدراكهم فداحة الخطب برحيل العلماء لما يؤذن به من حصول النقص والخلل في حياة الناس لا سيما فيما يتعلق بأمر دينهم.
2- إذا ذهب العلماء أو عدمت الاستفادة منهم أو قلت مع وجودهم إما بسبب منهم كالتقصير في النصح والبيان أو بسبب نفور الناس عنهم بسبب الدعايات المضللة أو بسبب زهد الناس فيما عندهم انشغالاً بالدنيا الزائلة العاجلة وغفلة عن الدار الباقية الآجلة حصل الفساد العريض والشر المستطير لأن الناس سيتخذون عوضاً عنهم رؤوساً جهالاً اغتراراً بما عندهم من الشهادات التي لا يصدقها واقع ما لديهم من العلم أو اغتراراً بالمناصب العلمية التي تبوؤها عن غير أهلية أو بسبب استمالتهم العوام بما يناسب انحطاط همهم ويشاكل أمزجتهم من القصص والسفه أو الترخيص لهم في المعاصي بدعوى التيسير والتسهيل ورفع الحرج وأنه قد أفتى به عالم وحقيقة الحال أنه من باب تتبع زلات العلماء وأغلاطهم إلى غير ذلك مما يستميلون به العوام وأشباه العوام مما كثر في زماننا هذا.
وإذا ترأس الجهال فسدت الأحوال إذ سيحلون الحرام ويحرمون الحلال ويحقون الباطل ويبطلون الحق باسم الفتوى والعلم والدين وأي فساد أكبر من هذا.
3- إذا كان ترؤس الجهال من أسباب فساد الدين فهذا يقتضي ممن يتصدر للدعوة والتعليم والإجابة عن أسئلة الناس أن يتعلم ويتفقه ويتسلح أولاً بسلاح العلم حتى لا يفسد من حيث يريد الإصلاح، لأن نتائج الجهل وخيمة وقد حذر منها السلف الصالح ولو وجدت النية الحسنة أو الورع والاشتغال بالعبادة فهذه وحدها لا تكفي ولا تغني قال ضرار بن عمرو : “إن قوما تركوا العلم ومجالسة أهل العلم واتخذوا محاريب فصلوا وصاموا حتى يبس جلد أحدهم على عظمه وخالفوا السنة فهلكوا فوالله الذي لا إله غيره ما عمل عامل قط على جهل إلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح”.
وقال أبو عمرو بن نجيد : “كل حال لا يكون عن نتيجة علم فإن ضرره أكثر على صاحبه من نفعه”.
وما أعظم فقه مالك بن أنس فإنه كان يجتنب أخذ العلم عن عدد كبير من صالحي أهل المدينة لأنهم وإن كانوا أهل عبادة وصلاح إلا أنهم لم يكونوا من أهل العلم الذين تأهلوا له قال رحمه الله : ” إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم لقد أدركت سبعين ممن يحدث قال فلان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم عند هذه الأساطين وأشار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم فما أخذت عنهم شيئا وإن أحدهم لو أؤتمن على بيت المال لكان أميناً لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن. وقدم علينا ابن شهاب فكنا نزدحم على بابه”.
4- لما كان ذهاب العلم بذهاب أهله فإن هذا من أعظم ما يشحذ الهمم على اغتنام وجود الأكابر من أهل العلم للأخذ عنهم قبل أن تخترمهم المنايا، والتلقي عنهم لا يعني الاكتفاء باللقاء الواحد والاثنين ليحصل شرف اللقي وإنما المقصود تحصيل ما أمكن من علم العالم فإنه إذا ماتَ مات بما في صدره من العلم. ومن طريف ما يذكر في هذا الباب أن عروة بن الزبير لازم خالته أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها ملازمة بالغة إلى أن استوفى ما عندها من العلم حتى قال : “لقد رأيتني قبل موت عائشة بأربع حجج وأنا أقول: لو ماتت اليوم ما ندمت على حديث عندها إلا وقد وعيته”.
وقد حث السلف شباب المسلمين حثاً بالغاً على أخذ العلم عن أهله قبل أن يسبق إليهم الموت قال ابن مسعود: “عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبضه ذهاب أهله” وقال أبو الدرداء: “تعلموا قبل أن يرفع العلم فإن العالم والمتعلم في الأجر سواء”.
فهل يصغي شباب الإسلام اليوم لهذه النصائح ولا سيما أهل الذكاء والفهم والحفظ منهم ؟؟ هذا ما يرجوه كل مريد للخير لهذه الأمة .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *