جديد الإعلانات :

العنوان : حرمة الدعاوى الكيدية ومفاسدها خطبة مكتوبة

عدد الزيارات : 9346

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن من الناس من يضعف إيمانه، ويقسو قلبه، وتعظم غفلته، فينسى الكتاب والحساب، والميزان والصراط، والجنة والنار، فيستهين بتقديم الدعاوى الكيدية وهي الدعوى الكاذبة المتعمدة بقصد الإضرار بالمدعى عليه.

وهذا العمل منكر عظيم، وجرم قبيح، مشتمل على جملة كبيرة من المفاسد. منها:

أولاً: الكذب والبهتان والافتراء على شخص بريء، وهذا لا يجوز ولو كان المدعي مسلماً والمدعى عليه كافراً فكيف بالمسلم قال تعالى {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}، وقال ﷺ “مَن حَالت شفَاعَتُهُ دون حَدٍّ من حُدودِ الله، فقد ضادَّ الله، ومن خاصمَ في باطلٍ وهو يعلمُهُ، لم يَزَلْ في سَخَطِ الله حتى يَنزعَ، ومن قال في مؤمن ما ليسَ فيه، أسكنهُ اللهُ ردْغَةَ الخَبَال حتى يَخرُجَ مِمَّا قال” رواه أبو داود وقال ﷺ: “إنَّ من أربى الرِّبا الاستطالةَ في عرضِ المُسلم بغيرِ حق” رواه أبو داود. وقال ﷺ “لما عُرج بي مررتُ بقوم لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمُشونَ بها وجُوهَهُم وصدُورَهُم، فقلت: مَن هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلُون لحومَ الناس، ويقعونَ في أعراضِهِم”.

ثانياً: أن الدعوى الكيدية من الظلم، والعدوان، وكلاهما مما حرمه الله ورسوله، قال الله في الحديث القدسي “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا”. وقال ﷺ “الظلم ظلمات يوم القيامة”. وقال تعالى في آيتين من كتابه : {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}

ثالثاً: أن الدعوى الكيدية كثيراً ما يراد بها أكل المال بالباطل، والله يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}

رابعاً: أن المدعي كيداً مستحق للوعيد الشديد ولو حكم القاضي لصالحه فلا يظننَ أنّ حكم القاضي يحل له ما حرم الله عليه قال ﷺ: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ» متفق عليه.

خامساً: أن الدعاوى الكيدية مبنية على الكذب وفي الكذب يقول ﷺ: “إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار”

سادساً: أنها قد تصاحبها شهادة الزور، وهي من أكبر الكبائر حتى قُرنت بالشرك قال تعالى (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) وقال ﷺ (ألا أنبئكم بأكبر الكبار الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس وقال ألا وشهادة الزور)

سابعاً: أن المدعي كيداً قد يحلف بالله كاذبا فينغمس بهذه اليمين في جهنم قال ﷺ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ»

ثامناً: أن المدعي كيدا وكذبا فاجر في خصومته والفجور في الخصوم من صفات المنافقين قال ﷺ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ».

فاجتمع في الدعاوى الكيدية الكذب والظلم والتخلق بصفات المنافقين وغيرها من المساوئ والمفاسد. نعوذ بالله منها ومن أهلها، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الإنسان معرض لأن يبتلى بمن يكيد له ويتهمه ظلماً وعدواناً، لذلك شُرع للمسلم أن يستعيذ بالله من أن يقع عليه ظلم وقهر فقد كان من دعاء النبي ﷺ: قوله “اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِن الفَقرِ، والقِلَّة، والذِّلَّة، وأعوذُ بكَ مِن أن أَظْلِمَ أو أُظلَمَ”. وكان ﷺ إذا خرج من بيته قال: «بِسْمِ اللَّهِ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَزِلَّ أَوْ أَضِلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ» وكان ﷺ كثيراً ما يدعو فيقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ، وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» رواه البخاري.

ومن ظُلم فليتق الله تعالى وليلتزم العدل إذا دافع عن نفسه، وليلزم كذلك الطرق الشرعية والنظامية، حتى تبرأ ساحته، وينتصف ممن ظلمه.

اللهم إنا نعوذ بك أن نقترف شراً أو نجره إلى مسلم، ونعوذ بك أن نظلِم أو نُظلم أو نجهل أو يُجهل علينا، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئتمنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا وولي عهد لما تحب وترضى وانصر بهم دينك وأعل بهم كلمتك.  اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *