جديد الإعلانات :

العنوان : التحذير من تعليق التمائم خطبة مكتوبة

عدد الزيارات : 6257

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد:

فاتقوا الله ربَّكم، وعلّقوا به قلوبَكم، وفوّضوا إليه أمورَكم، فهو الذي أنشأكم مِن العَدَم، وأسبغ عليكم النَّعَم، وصرف عنكم النِّقَم، ما مِن نعمةٍ إلا هي مِن فضلهِ وجميلِ تدبيره، وما أصاب من مصيبةٍ فبمشيئتِه وتقديرِه، ولا ينزلُ بلاءٌ إلا بإذنِه، ولا تنزل عافيةٌ إلا بفضلِه، مقاليدُ الأمورِ كلُّها بيديهْ، وتدبيرُ كلِّ شيءٍ إليهْ، ورزقُ كلِّ حيٍّ عليهْ، ما شاءَ اللهُ كان وما لم يشأ لم يكن.

قال تعالى{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقال تعالى {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } وقال تعالى {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}

عباد الله:

لقد استغلَّ الشيطانُ الرجيمُ تعلّقَ النفوسِ بالحياة، والصحةِ والمعافاة، والأموالِ والأولاد، وخوْفَها من الموت والأمراض، فَزيّنَ لكثيرٍ من الناس تعليقَ التمائمِ والحروز على أجسادهم وأولادهم، ودوابِّهم وسياراتهم، وبيوتِهم ومتاجرِهم، ليتّقوا بها الجنَّ والسحر، والعينَ والحسد، والحوادثَ والخسائر، وغيرَها من الآفاتِ والمخاطر. ليُضعِفَ تعلّق القلوبِ بالله رب الأرباب، ويَصْرِفَها للتعلقِ بالخيوطِ والأحجار، والخِرَقِ والأوراق، وغيرِها مما يُلبسُ أو يُعلّقُ لاتقاءِ الأمراضِ والآفات.

ومن فعل ذلك _ يا عباد الله_ فقد وقع في بابٍ عظيمٍ من أبوابِ الشرك وهل بُعِثَ النبيُّ ﷺ إلا مبشراً بالتوحيد منذراً من الشرك؟ ، قال ﷺ: ” مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ ” رواه أحمد، وقال ﷺ «إنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْك» . رواه أبو داود.

إخوة الإيمان:

إنّ الشركَ في هذا الحديث يختلفُ باختلافِ عقيدةِ لابسِ التميمة؛ فإن كان يعتقد أنها تشفي وتعافي بنفسِها مِن دونِ الله، فقد جعلها نداً لله تعالى، وسوّاها بالله فيما هو من خصائص الله، وهذا شركٌ أكبرُ مخرج مِن ملّةِ الإسلامِ والعياذُ بالله.

وإن كان يعتقدُ أنّها سببٌ للشفاء بإذن الله فهذا شرك أصغر لأن النبي ﷺ سماها شركاً ولا تبلغ درجة الشرك الأكبر.

ولا ينبغي أن يظنَّ ظانٌّ أن الشركَ الأصغرَ أمرٌ هيّنٌ بل هو عند الله ذنبٌ عظيمٌ حتى أطلق بعضُ أكابر أهلِ العلم أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر، وقد قال ﷺ “إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ” الحديث رواه أحمد. فدل على خطورة الشرك الأصغر حتى جعله النبي ﷺ أخوف ما يخافه على أمته.

إخوةَ الإسلام:

إنّ صورَ التمائمِ كثيرةٌ فمنها الحروزُ والطلاسمُ التي يوزعها المشعوذونَ والسحرةُ والدجالونَ لتُعَلّقَ على العنق أو حولَ الذراعِ أو حولَ البطن ونحوِ ذلك. ومنها ما يكون من الخَرَزِ وأسنانِ بعضِ الحيواناتِ وجلودِها، ومنها الأساورُ والعيونُ الزرقاءُ وصورةُ الكفِّ والقُفْل، ومنها نَعلُ الفرسِ التي تسمى الحِدْوَة، ومنها الخِرَقُ السوداءُ التي تربط على الشاحناتِ وسياراتِ النقلِ لِتحفظَها من الحوادث.

فاحذروا التمائم كلَّها، قديمةً كانت أو حديثة، فإنّ حكمَ التمائمِ لا يختلفُ مهما استجدّتْ صورُها وأنواعُها.

عباد الله: مهما لبّسَ الملبّسون وزعم الزاعمون أنّ هذه التمائمَ تنفعُ أصحابَها فلا تغتروا بمزاعِمهم ولا بدعاياتِهم وكونوا على يقينٍ تام وعقيدةٍ راسخةٍ أنها لا تُجدي على أصحابِها شيئاً _ وإن حصل نفعٌ يسيرٌ لبعضهم من باب الاستدراجِ لهم والمكرِ بهم _ بل إنها تضرهم في دينهم ودنياهم، وذلك للأسباب التالية:

أولاً: أن الله تعالى لم يجعلها سبباً للشفاء ولا سبباً لبلوغ الآمال ولا سبباً في السلامة من الآفات بدليل النهي عنها واعتبارها شركاً.

ثانياً: أنّ النبيَّ ﷺ دعا على معلّقي التمائم أنْ لا يُتِمَّ اللهُ لهم مرادَهُم الذي لبسوها لأجله، وأن لا يجعلَهم في دَعَةٍ ولا سكونٍ من أمرِهم فقال ﷺ (من تعلّقَ تميمةً فلا أتمَّ الله له، ومن تعلّقَ وَدَعَةً فلا وَدَعَ اللهُ له) وما ظنّكَ بمن دعا عليه النبي ﷺ بهذه الدعواتِ الغليظةِ والعياذُ بالله؟!.

ثالثاً: أن النبيَّ ﷺ أخبر أن هذه التمائم لا تزيدُ أهلَها إلا مرضاً، والمعنى أن الله يعاقبُهم بنقيضِ قصدِهم وعكسِ مرادِهم كما قال ﷺ للابسِ الحلقة (أَمَا إِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا).

رابعاً: أن النبي ﷺ نفى الفلاحَ عن لابسِ التمائم فدَلّ على أنه لا يُفلح في الدنيا بحصول مقصوده بها، كما لا يفلح في الآخرة إذا مات ولم يتب إلى الله منها.

أسأل الله أن يعيذني وإياكم من الشرك كله أكبرهِ وأصغره، ظاهرهِ وباطنِه. أقولُ هذا القولَ وأستغفرُ اللهَ لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلين نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أَنّ الاعتقادَ في التمائم، أو تعليقَها منكرٌ عظيم، تجبُ التوبةُ إلى اللهِ منه، فمن كان عليه شيء منها أو على ولده أو في بيته أو سيارته فليبادرْ إلى نزعِها وإتلافِها، فقد رأى ابنُ مسعود في عنق امرأتهِ زينبَ خيطاً رُقِيَ لها فيه فقطعه وقال “إنّ آلَ عبدِ الله لأغنياءُ عن الشرك”.

ورأى النبيُّ ﷺ رجلاً في يده حلْقَةٌ من صُفْر _أي من نُحاس_ “فَقَالَ: ” وَيْحَكَ مَا هَذِهِ؟ ” قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ؟ قَالَ: ” أَمَا إِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا انْبِذْهَا عَنْكَ؛ فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا ” رواه أحمد.

وجاء الترغيب في قطع التمائم قال سعيد بن جبير:”من قطع تميمةً من إنسان كان كعِدْلِ رقبة”. رواه وكيع.

ومَنْ نُصِحَ وحُذّر منها ثمّ أصرّ عليها فحقُّه أن يُهجر فلا يُكلّمَ حتى يكونَ الهجرُ رادعاً له، فعن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ  أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَهْطٌ، فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا؟ قَالَ: ” إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً ” فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا، فَبَايَعَهُ، وَقَالَ: ” مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ ” رواه أحمد. فهنيئاً لمن دعا إلى التوحيد، وحذر من الشرك، واجتهد في استنقاذ الجهال من النار، وسعى إلى فلاحهم في دار  القرار.

إخوة الإيمان:

ينبغي للمسلم أن يحتاطَ من لُبسِ التمائم وتعليقِها ولو كانت من القرآن الكريم لعموم نهي النبي ﷺ عن التمائم، وصيانةً لكتاب الله من الامتهان، ولأنّ الاجتراءَ على لُبسِ التمائم المختَلَفِ في حرمتها قد يُشجّعُ على لُبسِ التمائمِ المتفَّقِ على حرمتِها.

اللهم ارزقنا تحقيق التوحيد، وأعذنا من الإشراك والتنديد، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، اللهم وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *