العنوان : التحذير من التستر التجاري كتبت بتاريخ 22 رجب 1440هـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الأموال جعل الله فيها قيام مصالح العباد في معاشهم ودينهم ودنياهم كما قال تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) وإذا كان على المال تقوم مصالح الدين والدنيا كان على العقلاء أن يحافظوا عليه وأن لا يعرضوه للضياع والهدر والاستنزاف.
عباد الله: إن الدولة وفقها الله من منطلق حرصها على الوطن وأمنه واقتصاده ومن حرصها على رعيتها ومواطنيها نظمت العمل والتجارة بما يكفل إن شاء الله مصلحة صاحب العمل ومصلحة العامل ومصلحة الوطن ومكتسباته ومقدّراته في العاجل والآجل. ومن صور حرصها على أبنائها وجديتها في وقايتهم مما يضرهم منعُها للتستر التجاري ومحاربته، وهو أن يكون اسم النشاط التجاري للمواطن في الظاهر ويكون المالك الحقيقي هو العامل مقابل مبلغ يدفعه للمواطن، والدولة وفقها الله لم تمنعه وتحاربه الا لما فيه من الإضرار بالوطن وأبنائه وأجياله القادمة.
فالتزموا الصدق في أقوالكم وأفعالكم وتعاملاتكم مع الأفراد ومع الدولة قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) و اعلموا عباد الله أن العمل التجاري إذا قارنه الصدق والنصح لله ظفر صاحبه بخير الدنيا والآخرة إن شاء الله وإذا قارنه الكذب والغش والخداع كان من أسباب محق بركته ومن أسباب هلاك صاحبه قال ﷺ «التَّاجِرُ الأَمِينُ الصَّدُوقُ الْمُسْلِمُ مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه ابن ماجه، وقال الذهبي جيد الإسناد صحيح المعنى. وقال ﷺ «إِنَّ التُّجَّارَ هُمُ الْفُجَّارُ» قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، «أَوَلَيْسَ قَدْ أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ؟» قَالَ: «بَلَى، وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ فَيَكْذِبُونَ، وَيَحْلِفُونَ وَيَأْثَمُونَ» رواه أحمد. ومن كذب التاجر أن يتستر على العامل ليمارس النشاط باسمه على أنه هو صاحبه.
اخوة الإيمان: أطيعوا الدولة في أنظمتها التي لا تحل حراما ولا تحرم حلالاً لأن طاعتها في غير المعصية من طاعة الله ورسوله قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وقال ﷺ «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ يَعْصِنِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي» متفق عليه.
وطاعة الدولة في اجتناب التستر التجاري هو من طاعتها في المعروف المأمور به شرعاً لما فيه من المصالح الكبيرة ودرء المفاسد الكبيرة.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واحرصوا على مصلحة وطنكم كما تحرصون على مصلحة بيوتكم ومن حرصكم عليه الحذر من تسييب العمالة تسرح وتعمل دون حسيب ولا رقيب فكم جر هذا النوع من العمالة السائبة من المصائب والبلايا من خلال ترويج الخمور والمخدرات والممنوعات وإنشاء صالات القمار وأوكار الدعارة وتهريب العاملات، وفي مجال الأطعمة كم ملؤوا بطون الناس من اللحوم المريضة الفاسدة والخضروات والفواكه المسقية بالمياه النجسة والمعلبات المنتهية الصلاحية وكم خدعوا الناس وأهلكوهم بغش عظيم لا يكاد يسلم من نوع من أنواع الأنشطة التجارية غير مبالين بحياة الناس وأرواحهم وصحتهم وسلامتهم مقابل الربح المادي. ويعظم الأمر حين تجد هذا المجرم يسرح ويمرح ويفسد في أرضنا ووطننا تحت غطاء من مواطن تستر عليه مقابل ربح زهيد سريع يأتيه بلا كلفة غير مبال أو غير مدرك للكوارث والمصائب التي تقع بسبب تستره وتحايله.
إخوة الإسلام: كما أن لصاحب العمل حقوقا على العامل الذي استأجره فللعامل أيضا حقوق على صاحب العمل فارحموا عمالكم وأحسنوا إليهم رجالا كانوا أو نساء اعطوهم حقوقهم كاملة غير منقوصة وان زدتموهم تفضلا وإحسانا فإن الله يحب المحسنين. ولا تستغلوا غربتهم وجهلهم وضعفهم فتظلموهم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
حمى الله بلادنا من كل سوء وأدامها آمنة مستقرة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان وسائر بلاد المسلمين، وأَوزَعَنا شكر نعمه الظاهرة والباطنة وجنبنا طريق الكافرين الجاحدين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لما تحبه وترضاه من الأقوال والأفعال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلح لهم البطانة يا ذا الجلال والإكرام. اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا وارحم موتانا، اللهم ارحم موتى المسلمين ونور لهم في قبورهم وافسح لهم فيها واجعلها لهم روضة من رياض الجنة برحمتك يا أرحم الرحمين. عباد الله! اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروا له على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.