العنوان : التحذير من الكهانة والشعوذة القديمة والمعاصرة خطبة مكتوبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد:
فاتقوا الله عبادَ الله، وحافظوا على توحيدكم ، فإن التوحيدَ هو الغايةُ التي خلقنا لأجلها قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فمن مات على التوحيد دخل الجنة، ومن مات مشركاً دخل النار وحرّم الله عليه الجنة قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) وقال تعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)
عباد الله:
إن من الناس من يحمله الجهلُ أو الهوى إلى الوقوع فيما يفسد عليه دينَه، ويهدم توحيدَه، فيضلَّ ويشقى، ويخسرَ الدين والدنيا، وذلك بوقوعهِ في الشرك الأكبر والكفر الأكبر، ومنهم من يقع فيما يخدش التوحيد، ويُنقِص إيمانَه النقصَ العظيم، ويُعرّضه للوعيد والعذاب الأليم، وذلك بوقوعه في الشرك الأصغر أو الكفر الأصغر.
فمن ذلك تعاطي السحر أو تعلُّمه أو تعليمُه، وكل ذلك كفر لقول الله تعالى (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ) وكذلك الطلبُ من الساحر أن يسحرَ فلانا أو فلانة لأجل عداوةٍ أو حسد أو لأجلِ جلبِ حبيبٍ أو طلباً لزيادة محبةٍ أو لغير ذلك من المقاصد هو رضا بالسحر وإقرارٌ له، وذَهابٌ إلى أهله، فمن فعل ذلك فهو على خطر عظيم ولو لم يتحقق له مقصودُه.
ومن صور السحر المعاصرة التي ابتلي كثير من المسلمين اليوم بممارستها أو متابعتها أو الإعجابِ بأهلِها ما يعرف بألعاب خِفة اليد، فإنها وإن سميت ألعاباً فهي من سحر التخييل.
ومما يهدم التوحيدَ، ويسلخ المرء من الدين، اعتقاد المسلم أن الكُهان والعرّافين والمشعوذين يعلمون الغيب، قال تعالى (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ) وقال تعالى (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) وصرّحت السنةُ النبويةُ بأنّ من صدّق كاهنا او عرافا فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ، كما توعد النبي ﷺ من أتى الكاهن بأن لا يقبل الله منه الصلاة أربعين يوماً، وهذا يدل على خطورة إتيانهم من باب الفرجة والنظر والاستطلاع ولو بدون سؤال ولا تصديق. ومن هؤلاء الكهان قارئُ الفنجال وقارئ الكفِّ والذي يخطُّ في الرمل، والذي يدعي قدرته على قراءة الأفكار، أو على معرفةِ ماضي الشخص ومستقبلهِ بالنظر في صورته أو توقيعهِ أو خطّهِ ونحو ذلك فكلهم يخوضون في ادعاء الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله.
ومما يدخل في هذا الباب الاعتقادُ في الأبراج والنجوم ومطالعتُها وقراءةُ صفحاتها ومتابعةُ برامِجها ليعرفَ ماذا سيصادفُه في مستقبله من نجاح وفشل ، وسعادة وشقاء وغنى وفقر، وفي هذا يقول ﷺ “من اقتبَسَ علْماً مِنَ النُّجُومِ اقْتبَسَ شُعبَة مِن السِّحرِ، زادَ ما زادَ” رواه أبو داود ، وروي عنه ﷺ أنه قال: ” “مما أخاف على أمتي التصديق بالنجوم”
أعاذني الله وإياكم من الشرك كله ظاهره وباطنه وأصغره وأكبره، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد:
فاتقوا اللهَ عبادَ الله، واحذروا من استعمال الأسباب الشركية لطلب الشفاء من الأمراض العضوية أو النفسية، أو للوقاية منها كتعليق التمائم والطلاسم ولبس الحَلَقِ والخيوط قال ﷺ “إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ”. ويدخل في حكمها لبسُ الأساورِ التي يزعمون أنها تُخرج الطاقة السلبية من الجسم، وما هو إلا باب من أبواب بيع الأوهام، وكذلك لبس الأساور التي يُزعم أنها تعالج بعض الأمراض دون سببٍ محسوس يثبته الأطباءُ أهلُ الاختصاص.
وأما لبسُ الرجلِ الأساورَ دون اعتقادٍ فيها وإنما للزينةِ فقط فهو محرمٌ لكونهِ من التشبهِ بالنساء، وقد لعن النبي ﷺ المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.
واحذروا أيها الإخوة من الدجالين المعاصرين الذين يَسعون إلى نشر طقوس البوذية وعبادات الهند الشركية وعقائدها الإلحادية عن طريق التدريب على رياضات معينة أو مفاهيم معينة كاليوقا والطاقة الكونية وقانون الجذب وغيرها مما ابتلي به بعض المسلمين ولا سيما من النساء فإن انتشارها فيهن أكثر. ومن نظر فيها وجدَ اشتمالها على عبادة الشمس، ودعاء آلهة مع الله، ووجد فيها الاعتقاد بأن العقل الباطن للإنسان قادر على الخلق وجلب الرزق واستجابة الدعاء، ووجد فيها وصفهم الطاقة الكونية بصفات الله تعالى ، بل وجدها تنتهي إلى وحدة الوجود وأنه لا فرق بين الخالق والمخلوق كما أوضح ذلك عدد من الناصحين الذين درسوا وخبروا بواطن هذه الأفكار.
فأخلصوا الدين لله، وعلقوا قلوبكم به وحده، وخذوا بأسباب الشفاء والوقاية المشروعة والمباحة كالتوكل على الله والمحافظة على الأذكار واستعمال الرقى الشرعية. والأدوية المباحة. والتمسوا السعادةَ والطمأنينةَ في الإيمان والتقوى والتوكل والدعاء وتلاوة القرآن، وكونوا يا عباد الله من (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشركَ والمشركين، واحم حوزةَ الدين، وانصر عبادَك الموحدين، اللهم وفق إمامنا خادمَ الحرمين الشريفين، ووليَّ عهدِه الأمين، اللهم انصر بهم دينَك وأَعلِ بهم كلمتَك وارزقهم البطانَةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين.
اللهم انصر جنودَنا الذين يحمونَ أمننَا ويجاهدونَ في سبيلك عدوَّك وعدوّنا، اللهم ثبت أقدامَهم، وسدّد رميَهم، وشُدَّ أزرَهم، وعجّل نصرَهم؛ إنك أنت القوي العزيز.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، عباد الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فاذكروا الله العظيمَ يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).