جديد الإعلانات :

العنوان : توجيهات نافعة بين يدي العام الدراسي الجديد

عدد الزيارات : 3672

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً

أما بعد: فاتقوا الله تعالى ينوّرْ قلوبكم بالعِلمِ ويُفَقِّهْكُمْ، ويغفرْ لكم ذنوبَكم ويَرحَمْكُم، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

عبادَ الله:

إن أفضلَ ما أُنفِقَتْ الأعمارُ في طلبه هو العلومُ النافعة، التي بها صلاحُ القلوبِ وهدايتُها، وعافيةُ الأبدانِ وصِحَّتُها، واستقامةُ أحوالِ الدنيا وعِمارَتُها.

والعِلمُ الشرعيُّ هو أكبرُ العلومِ شأناً، وأعظَمُها شَرَفاً ، لأنه العلم الذي يهدي إلى ما أمرُ اللهُ بهِ من التوحيد والسُّنَّةِ والطّاعة، والكاشفُ لما نهى اللهُ عنه من الشركِ والبدعةِ والمعصية، وهو العِلمُ الذي يُعَرِّفُ العبدَ بربه وبحقّهِ عليه، وبه يصلُ -إذا استقام عليه- إلى الـمَقام الكريم ِفي جنّاتِ النعيم؛ لذلك كان من علامةِ سعادةِ العبدِ أن يُوفق للتفقُّهِ في الدين قال ﷺ: “من يُردِ اللهُ به خيراً يُفَقِّهْهُ في الدِّين” متفق عليه.

ثم العلوم الدنيوية النافعة المباحة كالطب والهندسة وغيرها من العلوم المدنية والعسكرية مما يحتاج إليه المسلمون في عِمارةِ دنياهم، هي علومٌ فاضلة، وفي تعلم المسلمين لها نفعٌ كبير، وفي إهمالهم لها خطرٌ كبير، إذ يجعلُهم جهلُهم بها في حاجة قوية إلى أعدائهم في طعامِهم وعلاجِهم، وسلاحِهم واقتصادِهم.

فعلى طلاب العلم -ونحن نستقبل عاماً دراسياً جديداً- أن يأخذوا العلم بقوة واجتهاد، وأن يخلصوا نيتهم في طلب العلم الشرعي، فلا يتعلموه إلا لله وحده، لقوله ﷺ ” مَن تعلَّم علماً مما يُبتَغَى به وجهُ الله عزَّ وجلَّ لا يتعلَّمُه إلا ليُصيبَ به عَرَضاً من الدُّنيا لم يَجِدْ عَرْفَ الجنةِ يومَ القيامة” يعني ريحَها. رواه أبو داود وصححه الألباني.

وأن يقصدوا بتعلم العلوم الدنيوية المباحة نفعَ أنفسهم، وخدمةَ وطنِهم، والإسهامَ في قوتهِ لأداءِ رسالتهِ الإسلاميةِ الساميةِ على أكملِ الوجوه.

 وعلى الطالب أن يتعاملَ مع إدارةِ مدرستِهِ ومعلِّميهِ بالاحترامِ والتوقيرِ والأدبِ الجَمّ، وأن يُحافظَ على ما وفَّرتهُ له الدولةُ -وفَّقها الله- من الأثاثِ والأجهزةِ والأدواتِ التي تعينهُ على الدرسِ والتحصيل، وأن يُحافظَ على الانضباطِ ومُراعاةِ الأنظمةِ المدرسيّةِ التي ما وُضِعتْ إلا لمصلحته.

وينبغي أن يَستشعرَ أولياءُ الأمورِ أنّ أبناءَهم وبناتِهم أمانةٌ في أعناقِهم، وأنَّ تربيتَهم مسؤوليتُهم، وأنَّ البيتَ هو المدرسةُ الأولى، فليتعاهدِ الآباءُ والأمهاتُ أبناءَهم وبناتهِم بالتربيةِ السليمة، والتوجيهاتِ السديدة، كالتربيةِ على الجِدِّ والاجتهاد في التعلّمِ والتفهم، والحِفظ وحَلِّ الواجبات، والتربيةِ على اجتنابِ رفاقِ السوءِ الذين يُفسدونَ دينَهُ وأخلاقَهُ وسُمعَته، وتربيتِهم على عَدَمِ الاستجابةِ لرغباتِهم في الغيابِ والتأخرِ والخروجِ المبكِّر من المدرسةِ بلا سببٍ يَستدعي ذلك، سوى ضَعفِ الرَّغبةِ في الدراسةِ والتعَلُّم.

أيها الإخوة في الله:

إنَّ الأجيالَ تنشأ على ما رُبِّيتْ عليه، وقد أَمرَ اللهُ عزَّ وجلَّ بحسنِ التربية والتأديب فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) قال عليّ رضي الله عنه في معنى وقاية الأهل أي: “علّموهم وأدّبوهم”. أقولُ هذا القول، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 الخطبةُ الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن معلّمي الناسِ الخيرَ لهم عندَ اللهِ منزلةٌ عظيمة، ودرجةٌ رفيعة، قال ﷺ: “إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ” رواه الترمذي وصححه الألباني، فهنيئاً للمعلمين هذا الفضلُ والشرفُ والخير.

وحيثُ بوّأَهم الله هذه المنزلة الرفيعة فعليهم أن يتذكروا عِظَمَ الأمانة التي حُمِّلوا إياها في تعليمِ الأُمةِ وتربيةِ الأجيال، فإنهم إن نجحوا في مُهمتهم نهضتِ الأمة، وكيف لا تنهضُ أُمّةٌ جمعتْ بين العِلْمِ القَويم، والخُلُقِ الكَريم.

ومن أُسس نجاحِ المعلم في أداءِ رسالته: الإخلاصُ للهِ تعالى، وحِرْصُهُ على نفعِ طلابه، وغَرْسُ القِيَمِ الشرعيةِ والأخلاقية في قلوبِهم، والمعاني الوطنيّةِ الصالحةِ في نفوسِهم، ليكونوا في المستقبلِ القريبِ مواطنينَ صالحين، مستمسكينَ بدينِهم، مُلتفِّين حولَ قيادتِهم، مُسْهِمينَ في نهضةِ وطنِهم.

اللهم سَدِّدِ الخُطى، وبَلّغِ المنى، وارزقنا عِلْماً نافعاً، ورِزقاً طيباً، وعَملاً مُتقبّلا. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك الموحدين. اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك وأيدهم بتأييدك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين، اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئنّاً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. عباد الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90] ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

اضغط هنا لتحميل الخطبة بصيغة وورد

اضغط هنا لتحميل الخطبة بصيغة pdf منسقة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *