جديد الإعلانات :

العنوان : خطر القتل بغير حق

عدد الزيارات : 1123

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أَنَّ شأنَ الأنفسِ عندَ اللهِ عظيم، لذلك حرَّمَ اللهُ قتلَها بغيرِ حق، وجعَلَه من أكبرِ المآثم، فقد توعد اللهُ قاتلَ المؤمنِ متعمداً بغيرِ وجهِ حقٍ بالوعيدِ الشديدِ فقال تعالى ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93] وتوعدَ الرسولُ ﷺ قاتلَ الكافرِ بغيرِ حق، ففي الحديث الصحيح: “مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً ‌لَمْ ‌يَرَحْ ‌رائِحةَ الجنَّةِ، وإنَّ ريحَها يوجَدُ مِنْ مسيرَةِ أربعين عاماً”رواه البخاري.

عباد الله: لقد استهان كثيرٌ من الناسِ بشأنِ الدماء، واجترؤوا عليها، فمنهم من يَقتلُ المسلمَ معصومَ الدمِ بسببِ لوثةٍ تكفيرية، وعقيدةٍ خارجية، وهؤلاءِ هم شرُّ الخلقِ والخليقة، وهم كلابُ النارِ كما في الحديث.

ومنهم من يتقرب إلى اللهِ بقتلِ الكافر الذي له عهدٌ وذِمَّة، ولا يُقرِّبُهُ ذلك العملُ من الله بل لا يزيدهُ من اللهِ إلا بُعدا، فإنّ اللهَ تعالى لا يُتقَرَّبُ إليه بالغَدرِ والخيانةِ، ونقضِ العهدِ والميثاق، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [الرعد: 25]

ومن أَقبحِ صورِ القتلِ ما يُوجدُ في بعضِ البلاد من قتلِ المرأةِ على يدِ أهلِها أو أقاربهِا إذا اتُهِمتْ بفعلٍ مُخلٍّ بالشرف، دون رجوعٍ إلى وليِّ الأمر، ولا القضاء، مع أَنَّ الحدودَ مردُّها إلى وليِّ الأمر أو نائبه لا يقيمُها غيرُهم، حتى لا يقعَ فيها الظلم والجَوْر.

ومن القتلِ ما يكونُ بسببِ الغضبِ والخصومات، فَيَؤُزُّ الشيطانُ أحدَ أطرافِ الخصومة إلى قتلِ الطرفِ الآخر، فليملكْ العاقلُ نفسَهُ عند الغضب، وليستعذْ بالله من الشيطانِ الرجيم، وليعالجْ خصوماتهِ عن طريقِ المصلحين، أو المحاكمِ والقضاءِ، فهو خيرٌ له في العاجلِ والآجل.

ومن القتلِ ما يكونُ بسببِ شربِ المسكراتِ وتعاطي المخدرات، فإنّ الخمرَ أمُّ الخبائث تَجرُّ إلى الزنا والقتل، فالحذرَ الحذرَ، فإنَّ من المخدرات اليوم أنواعٌ مُصنَّعة، تجعلُ متعاطيَها مُجرماً متوحشاً، يقتلُ أُمَّهُ وأباه، وأختَهُ وأخاه، وولدَهُ وزوجَهُ بلا مبالاه.

اللهم احفظ أيديَنا من الدماءِ المعصومة، وألسنتَنا من الاستطالةِ في الأعراض، واحفظْ بطونَنا من أكلِ المالِ الحرام. أقولُ هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله القائل في كتابه (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبدُه ورسولُه، القائل “لزَوالُ الدنيا؛ أهْوَنُ على الله مِنْ قتلِ مؤمنٍ بغيرِ حقٍّ” صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واحذروا القتلَ بغير حق، فما أعظمَ إثْمَه، وما أخطرَ عاقبةَ مَن وقعَ فيه، قال ﷺ: “لنْ يزالَ المؤمنُ في فُسْحَةٍ من دينِه ما لَمْ يُصِبْ دَماً حراماً” رواه البخاري، أي أنَّ كلَّ مسلمٍ له أملٌ في مغفرةِ ذنوبهِ إلا أن يَقتلَ نفساً بغيرِ حقٍّ والعياذُ بالله. كما في الحديث الآخر: “كلُّ ذنبٍ عسى اللهُ أنْ يَغْفِرَه؛ إلا الرجلَ يموتُ كافِراً، أو الرجلَ يقتُلُ مؤمِناً مُتَعمِّداً” رواه النسائي.

فاحذروا القتلَ بغيرِ حق، واحذروا الأسبابَ المفضيةَ إليه، وتذكّروا أَنَّ النبي ﷺ أخبرَ وهو الصادقُ المصدوق أنَّ القتلَ يكثرُ في آخرِ الزمان في أحاديثَ كثيرة منها قوله ﷺ «إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَهَرْجًا” قيل: مَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: “الْقَتْلُ، الْقَتْلُ”، … لَيْسَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ” فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “لَا، تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنْ النَّاسِ لَا عُقُولَ لَهُمْ” أي أنهم يفشو فيهم الجهلُ واتّباعُ الهوى حتى يكونوا بمنزلةِ من لا عقولَ لهم تحجُزهم عن ارتكابِ المآثمِ، والإقدامِ على القبائح. نسأل الله العافية.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك الموحدين. اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك وأيدهم بتأييدك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين، اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئنّاً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. عباد الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *