توقير كبار السن اسم الله تعالى (الحفيظ) و (الحافظ) اسم الله تعالى (الفَتّاح). مكانة المساجد والمحافظة عليها. التحذير من الغيبة والنميمة التحذير من جهلة مفسري الأحلام تعظيم شأن الجمعة والتذكير ببعض أحكامها.

العنوان : مما يثقل به ميزان العبد يوم القيامة

عدد الزيارات : 2978

اضغط هنا لتحميل الخطبة بصيغة pdf منسقة

اضغط هنا لتحميل الخطبة بصيغة وورد

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده، وَنَسْتَعِينُهُ ونستغفره، ونعوذ بِاللَّهِ من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللَّهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدَه لَا شريكَ له، وَأَشْهَدُ أنَّ سيدنا ونبينا محمدًا عبدُه ورسولُه، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسلّم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أما بعدُ: فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللَّهِ، وأحسن الهديِ هديُ محمدٍ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدَثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ فِي النار.

أيها المؤمنون: إن من مواقف يوم القيامة المهيبة المفظعة نصبَ الموازين لوزنِ العبادِ وأعمالهم وصحائفِ أعمالهم، إنه موقف مخوفٌ هائلٌ فما بين العبد والجنة إلا أن يثقل ميزانه، وما بين العبد والنار إلا أن يخف ميزانه.

قال تعالى {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}  وقال تعالى { وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ } وقال تعالى { فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ}

وثِقَلُ الميزان وخفته يوم القيامة مرهونٌ بالأعمال ، لا بالأموال ولا المناصب، ولا الأنساب ولا الأحساب، ولا بأوزان الأجساد في الدنيا،  قَالَ ﷺ : ” إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَقَالَ: اقْرَءُوا، {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا} وكان ابن مسعود رضي الله عنه رجلاً دقيق الساقين ولكنه لما كان صاحب إيمان وصدق وعمل صالح قال صلى الله عليه وسلم : ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ “

فاتقوا الله عباد الله وتهيؤوا لذلك الميزان العظيم بمحاسبة أنفسكم، والنظر في أعمالكم، فمن وجد في عمله ما يثقل به ميزانه فليحمد الله وليثبت عليه وليزدد من الخير، ومن وجد في عمله ما يخف به ميزانه من تفريط في جنب الله، أو ظلم لأحد من عباد الله، فليتب إلى الله تعالى، وليتخلص من حقوق العباد بردها إليهم أو طلب الحِلِّ منهم، قبل نصب الميزان وفوات الأوان.

بارَك اللَّهُ لِي ولكم فِي القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فِيهِ من الآيات والذِّكْر الحكيم، أقول قَوْلي هَذَا، وأستغفِر الله العظيم لِي ولكم فاستغفِروه، إنَّه كَانَ غفورًا رحيمًا.

الخطبة الثانية:

الحمد لله ولي الصالحين، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ الملك الحق المبين، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه الصادقُ الوعدِ الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن ربكم رحيم بعباده ومن رحمته أن يسّر لهم أسباب السعادة والفوز والفلاح، طلب منهم القليل ووعدهم بالكثير، ومن ذلك أن العبد يستطيع بفضل الله أن يثقل ميزانه يوم القيامة بعمل يسير في الدنيا لمن صدق مع الله، فأعظم ما يثقل به الميزان توحيد الله تعالى، وإخلاص العبادة له واجتناب الإشراك به، فهذه الحسنة محرقة للذنوب مهما بلغت، مزهقة للخطايا مهما عظمت قال الله في الحديث القدسي : “يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً”.  فأخلص الدين لله واجتنب الشرك كله أكبره وأصغره ظاهره وباطنه، حتى يلقاك الله بما وعدك من المغفرة.

ومما يثقل به الميزان يوم القيامة قول سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده فأكثرْ منهما فهو خير لك من كثرة الهذر والقيل والقال في غير فائدة وخير لك من أن تجلس صامتاً أو تقود سيارتك صامتاً أو تضطجع على فراشك صامتاً. قال ﷺ : ” كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ “

ومما يثقل به ميزان العبد يوم القيامة حُسنُ الخلُق قال ﷺ :  “ما مِنْ شيءٍ أثقلُ في الميزانِ مِن حُسنِ الخُلُقِ” فحسن الخلق مع الله بطاعته واجتناب معصيته، وحسن الخلق مع الناس بطلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى، وأن تعاملهم بمثل ما تحب أن يعاملوك به.

اللهم يسّر حسابنا، ويمّن كتابنا، وثقّل ميزاننا، وأدخلنا الجنة، وأجرنا من النار، برحمتك يا عزيز يا غفار.

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذلَّ الشركَ والمشركينَ، ودمِّر أعداءكَ أعداءَ الدينِ، واجعل هَذَا البلدَ آمِنًا مطمئِنًّا سخاءً رخاءً، وسائرَ بلاد الْمُسْلِمِينَ، اللهم آمِنَّا فِي أوطاننا، وأصلِحْ أئمتَنا وولاةَ أمورنا، واجعَلْ ولايةَ الْمُسْلِمِينَ فيمَنْ خافَكَ واتقاكَ واتَّبَعَ رضاكَ يا ربَّ العالمينَ.

اللهم وفِّق إمامَنا وولي عهده لهداكَ، واجعَلْ عملَهم فِي رضاكَ، وارزقهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ، الَّتِي تدلُّهم عَلَى الخير وتُعِينهم عَلَيْهِ يا أرحمَ الراحمينَ.

اللم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مُعلمة بـ *