العنوان : توجيهات في بداية العام الدراسي الجديد 1447هـ
إنَّ الحمدَ للَّه، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَنْ يَهده اللَّه فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلَّا اللَّهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسوله، صلَّى اللَّه عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيراً.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
أما بعد:
فاعلموا رحمكم الله أن العلم أفضل مطلوب، فهو نور وهدى، ورفعة في الدنيا والأخرى، وهو ميراث الأنبياء، من أخذه أخذ بحظ وافر، لأهله الذِّكْرُ الجميلُ الحَسَن ، والأجرُ الكبيرُ المستمر، مَن خرج في طلبه أخذ بسببٍ عظيم من أسباب دخول الجنة ، وكان علامةً على إرادة الله له الخير، ووضعتْ له الملائكة أجنحتها رضاً بما يصنع، ومن عَلّمَ العلمَ استغفر له كل شيء في الأرض والسماء، قال تعالى (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا) وقال تعالى (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة : 11] وقال ﷺ : “مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ” وقال ﷺ : “من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر” رواه الترمذي وصححه الألباني.
أيها المؤمنون:
ها نحن الآن بين يدي عام دراسي جديد، يستقبل المعلمين والمتعلمين، ستقبل المتعلمين الذين هم مستقبل الأمة وعمادها وسواعد بنائها، لينهلوا العلوم النافعة، ويكتسبوا الأخلاق الفاضلة، واكتساب العلم يحتاج إلى قوة في العزم والصبر وصدق في الرغبة، وحرص شديد على تحصيل العلم حفظاً وفهماً ومدارسة ومذاكرة قال تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) ، وقال ﷺ “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز” رواه مسلم.
ويستقبل المعلمين الذين هم دُعاة الخير، ومناراتُ الهدى، ومُربُّو الأجيال، وسُقَاةُ الغَرْس، وحماةُ الأمة في أجيالها بسلاح العلم والأخلاق. وخير قدوة يقتدي بها المعلم في أداء رسالته هو النبي ﷺ فقد كان أحسن الناس تعليماً وتأديباً وتربية صلوات الله وسلامه، فقد كان أحرص الناس على تعليم الخير، وكان يستعمل الأساليب والوسائل المتنوعة التي يقرب بها العلم، وكان أحلم الناس على المتعلم وأرحمهم به قال معاوية بن الحكم رضي الله عنه بعد موقف أخطأ فيه جهلاً منه فعلمه النبي ﷺ ولم يغلظ عليه فقال “بأبي هو وأمي ما رأيت مُعلّما قبله ولا بعده أحسنَ تعليماً منه فوالله ما كَهَرني ولا ضَربني ولا شَتمني” رواه مسلم. وقال ﷺ: “إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسراً”. رواه مسلم.
فعلى المعلم استشعار فضل الله عليه بأن جعله معلماً للخير، مستذكراً ما وعد الله معلمي الناس الخير من الأجر والثواب والمنزلة العالية. وعليه استشعار المسؤولية وعظم الأمانة، فإن من استؤمن على شاة أو بعير تحمل أمانة سيسأل عنها فكيف بالمعلم الذي استأمنه الآباء والأمهات وولاة الأمور على عقول أبنائهم وبناتهم ودينهم وأخلاقهم وقيمهم ، لا شك أنها مسؤولية عظيمة، ومن استعان بالله عليها صادقاً أعانه الله وسدّده.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن على الأسرة مسؤولية عظيمة في مسيرة أبنائها وبناتها في التعليم، وذلك بتشجيعهم على التعلم، وترغيبهم فيه، ومتابعتهم لهم في الحضور، وتلقي الدروس، وعدم التأخر والغياب، وجودة التحصيل، والمواظبة على الواجبات الشرعية، والمحافظة على الأخلاق الحميدة، فإن عناية الأسرة بأبنائها وبناتها سبب عظيم لنجاحهم في حياتهم العلمية والعملية، كما أن إهمال الأسرة لأبنائها وبناتها قد يكون سبباً من أسباب فشلهم وخسارتهم، فلا ينتفعون بأنفسهم ولا تنتفع بهم أسرهم ولا مجتمعهم بل يكونون عبئاً عليه. فاستشعروا المسؤولية وليقم كل منها بما وجب عليه قال ﷺ “كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” متفق عليه.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك الموحدين. اللهم آمِنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك، وأيدهم بتأييدك، وأصلح لهم البطانة يا رب العالمين. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.