فضل العلماء على الأمة، وعظم المصاب بفقدهم | وجوب لزوم الجماعة، والسمع والطاعة، والحث على المحافظة على أمن الوطن. | الترغيب في تعلّم كتاب الله تعالى وحفظه والعمل به  | رعاية كبار السن والعناية بهم | توجيهات في بداية العام الدراسي الجديد 1447هـ | بر الوالدين | التحذير من استعمال الذكاء الصناعي في الإثم والبغي |

العنوان : فضل العلماء على الأمة، وعظم المصاب بفقدهم

عدد الزيارات : 671

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أما بعد:

فإن من نعم الله تعالى على عباده أن يكون فيهم علماء ربانيون، يدعونهم الى التوحيد، ويهدونهم إلى السنة، ويحذرونهم من الشرك والبدعة، يُفتونهم بالدليل الشرعي في الحلال والحرام، ويرغبونهم في مكارم الأخلاق، ويبصرونهم بمواقع رضا الله تعالى ليسارعوا إليها، وموجبات غضبه ليفروا إليه منها.

يأمرونهم بالجماعة والاعتدال، والسمع والطاعة، ويحذرونهم من التمرد والخروج عن الجماعة.

يحذرونهم غاية التحذير من الغلو والتنطع في الدين، كما يحذرونهم غاية التحذير من الفسوق والانحلال ورقة الدين.

يدعون إلى الخيرات، ويأمرون بالمعروف بالمعروف، وينهون عن المنكر بلا منكر، ويَمْحَضُون ولاةَ الأمورِ نُصْحَهم، لا مداهنةَ عندهم لمحكومٍ ولا لحاكم، ولا يخافونَ في الله لومةَ لائم، لكنهم ملتزمون بالطريقة الشرعية السلفية في النصح لولاة الأمور وهي النصيحة سراً لا علناً، امتثالاً لقوله ﷺ ” من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فلا يبدها علانية”.

فوجود هؤلاء العلماءِ نعمةٌ عظيمة، لأنهم كالشمس للأرض، وكالعافية للبدن، ومن أراد أن يعرف قدرَ هذا الصنفَ من العلماء فلينظرْ الى حالِ البلاد التي خلت عن أهل العلم من أمثالهم، أنظر إلى فساد عقيدتهم، والخلل في عباداتهم، والاعوجاج في أخلاقهم، بسبب ما فقدوه من نور الوحي وميراث النبوة، وقد صدق من قال: “صلاحُ الوجود بالعلماء، ولولاهم كان الناسُ كالبهائم، بل أسوأ حالاً”.

عباد الله:

إن من سعادة الأمة أن ترزق بعلماء ربانيين، وأن تعرف لهم قدرهم، وأن يُقبِلَ عليهم الناسُ _لا سيما الشباب منهم _دراسةً واستفتاءً، ومذاكرة ومشاورةً، ومجالسة ومصاحبة، لينتفعوا بعلمهم ونصحهم، وصالح أخلاقهم، قبل أن يخطفهم الموت فيموتون ويموت علمهم معهم قال ﷺ محذراً من موت العلماء قبل أن يخلفهم مثلُهم:  «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» متفق عليه. نسأل الله العفو والعافية. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.

أما بعد: فقد ودعت الأمة الإسلامية قبل أيام أحدَ كبارِ علمائِها الناصحين، وهداتها المصلحين، بذل عمره في التعليم والفتوى والدعوة، وبذلِ النصحِ وخدمةِ دينهِ ووطنهِ وولاةِ أمره إلى آخرِ لحظةٍ من حياته المباركة، إنه سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن الإسلام وأهله خير الجزاء.

وإن مما نشكر الله عليه في هذه البلاد ما نراه من حفاوة ولاة أمرنا بعلمائنا وتقديرهم لهم في حياتهم وعند موتهم، وقد ضرب وليُّ العهد الأميرُ محمد بنُ سلمان أروعَ الأمثلة في هذا الباب مستنّاً بأهلِ بيته الكرام، فكم له من زيارات إلى أهل العلم في بيوتهم مقبّلا رؤوسهم، تقديراً لسنهم وعلمهم، ومسلّماً عليهم ومطمئنا على أحوالهم، ورأيناه في الصلاةِ على سماحة المفتي رحمه الله، مصلياً ومعزياً ومتقبّلاً للتعازي فيه رفع الله قَدْره، وأيّدَه ونَصَره.

وولاةُ أمرنا قدوة لنا في الخير ولله الحمد، فهكذا علينا أن نكون جميعاً مع علمائنا الربانيين الناصحين، وهذا هو ديننا قال ﷺ ” لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا ” وقال” ليس منا من لم يجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا” أي حقه وقدره، وقال ﷺ : “إن من إجلالِ الله إكرامَ ذي الشيبَةِ المسلمِ، وحاملِ القُرآنِ غيرِ الغالي فيه والجافي عنه، وإكرَامَ ذي السُّلطَانِ المُقْسِطِ”. رحم الله من مات من ولاة أمرنا وعلمائنا وبارك في أحيائهم إنهم سميع الدعاء. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمِنا مُطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفِّق إمامنا وولي عهده لهُداك، واجعَل عملَهم في رِضاك، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مُعلمة بـ *