شكر الله تعالى على نعمة الأمن والاستقرار توقير كبار السن اسم الله تعالى (الحفيظ) و (الحافظ) اسم الله تعالى (الفَتّاح). مكانة المساجد والمحافظة عليها. التحذير من الغيبة والنميمة التحذير من جهلة مفسري الأحلام

العنوان : 3- طلب العلم فريضة والرد على من حقر شأنه ونَفّرعنه

عدد الزيارات : 3188

3- طلب العلم فريضة ، والرد على من حقر شأنه ونَفّرعنه

عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) رواه ابن ماجه

التعريف بالراوي :

أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي خادم رسول الله  صلى الله عليه وسلم خدمه عشر سنين مشهور مات سنة اثنتين وقيل ثلاث وتسعين وقد جاوز المائة .

التعليق :

1- إذا أطلق العلم في الكتاب والسنة فالمقصود به العلم الشرعي الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فهو العلم الذي تحيا به القلوب ويصلح به أمر الدنيا والآخرة.

2- طلب العلم فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين قال تعالى (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) أي لا يخرجون كلهم للجهاد ولكن تخرج طائفة للجهاد وتبقى طائفة تطلب العلم فإذا رجع أولئك من غزوهم فقههم الفقهاء الذين جلسوا لطلب العلم وتحصيله فعلموهم.

قال سفيان بن عيينة: طلب العلم والجهاد فريضة على جماعتهم ويجزئ فيه بعضهم عن بعض، وتلا هذه الآية {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِم}  [التوبة: 122]. يعني بذلك العلم الكفائي لا الواجب العيني

وقال أحمد بن صالح، وسئل: عما جاء في طلب العلم فريضة على كل مسلم؟ فقال أحمد: معناه عندي: إذا قام به قوم سقط عن الباقين، مثل الجهاد. وهذا أيضا في الواجب الكفائي.

ومن العلم ما هو فرض عين على كل مسلم ومسلمة وهو معرفة العبد ربه سبحانه ومعرفة نبيه صلى الله عليه وسلم ومعرفة ما يلزمه في يومه وليلته مما افترضه الله عليه كالطهارة والصلاة وكالزكاة إذا كان لديه مال وكالحج إذا كان من أهله وأحكام البيع والشراء إذا كان من أهله حتى لا يقع في معاملة محرمة ونحو ذلك.

قال علي بن الحسن بن شقيق، قال: قلت لابن المبارك: ما الذي لا يسع المؤمن من تعليم العلم إلا أن يطلبه؟ وما الذي يجب عليه أن يتعلمه؟ قال: لا يسعه أن يقدم على شيء إلا بعلم، ولا يسعه حتى يسأل.

يعني إذا أراد أن يُقدِم على عبادة أو معاملة فعليه أن يتفقه فيها ويسأل عن حكمها حتى يؤديها على الوجه الصحيح.

وقال اسحق بن راهوية: طلب العلم واجب ولم يصح فيه الخبر إلا أن معناه أنه يلزمه طلب علم ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته وزكاته إن كان له مال وكذلك الحج وغيره قال وما وجب عليه من ذلك لم يستأذن أبويه في الخروج إليه وما كان فضيلة لم يخرج إليه حتى يستأذن أبويه .

يعني أنه يرى ضعف حديث أنس ولكنه يقرر معناه صحيح، وأن العلم نوعان فريضة وفضيلة فالفريضة تعلم الواجبات العينية والفضيلة تعلم ما زاد على الواجب ثم بين أن اسئتذان الوالدين في طلب العلم إنما يلزم في النوع الثاني أي الذي ليس فرضاً عينيا عليه.

3- لما كان العلم هو الأساس الذي يبنى عليه العمل أمر الله به قبل الأقوال والأعمال كما قال سبحانه وتعالى (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك) فبدأ بالعلم قبل العمل كما نص على ذلك البخاري في صحيحه. وذلك أن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجهه موافقاً لهدي رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يمكن معرفة هذين الحكمين إلا بالعلم كان العلم ضرورة لمن أراد أن يتقرب إلى الله بما يرضيه بأداء ما أوجب عليه والانكفاف عما حرم عليه.

4- مع هذه المنزلة العلية للعلم الشرعي في شريعة الإسلام إلا أن من طوائف أهل البدع من يزهد في طلبه ويصد عنه ويصفه بأسوء الصفات وأشنعها والسبب في ذلك أن العلم الصحيح القائم على الكتاب والسنة يفسد على أهل البدع بدعهم ويفسد على رؤوس أهل البدع ومقدّميهم ما ينالونه من الحظوة والمنزلة والجاه لدى الناس عامتهم وخاصتهم ما دام سلطان الجهل غالباً عليهم فإذا عرف الناس الحق وميزوا بينه وبين الباطل كسدت بضاعتهم وخسرت تجارتهم وبطلت حيلتهم فالعلم أعدى أعدائهم.

ومن هذه الطوائف الصوفية الطرقية الخرافية فإنهم من أشد الناس تنفيراً عن العلم الشرعي ولا سيما علم الكتاب والسنة توحيداً وتفسيراً وفقهاً وحديثاً وكلامهم مشهور وقصصهم معروفة ومنها ما أورده ابن الجوزي في تلبيس إبليس قال رحمه الله :

ذكر تلبيس إبليس على الصوفية في إنكارهم من تشاغل بالعلم

قال المصنف رحمه الله لما انقسم هؤلاء بين متكاسل عن طلب العلم وبين ظان أن العلم هو ما يقع في النفوس من ثمرات التعبد وسموا ذلك العلم العلم الباطن نهوا عن التشاغل بالعلم الظاهر

ثم ساق بإسناده عن جعفر الخلدي أنه قال: لو تركني الصوفية لجئتكم باسناد الدنيا لقد مضيت الى عباس الدوري وأنا حدث فكتبت عنه مجلسا واحدا وخرجت من عنده فلقيني بعض من كنت أصحبه من الصوفية فقال إيش هذا معك فأريته إياه فقال ويحك تدع علم الخرق وتأخذ علم الورق ثم خرق الأوراق فدخل كلامه في قلبي فلم أعد إلى عباس.

ثم قال وبلغني عن أبي سعيد الكندي قال كنت أنزل رباط الصوفية وأطلب الحديث في خفية بحيث لا يعلمون فسقطت الدواة يوما من كمي فقال لي بعض الصوفية أستر عورتك.

أي أن القلم والقرطاس الذي يدون به علم الشريعة عيب وعار علي يجب ستره كما تستر العورة والعياذ بالله.

ونقل عن الشبلي أنه أنشد:

إذا خاطبوني بعلم الورق … برزت عليهم بعلم الخرق

أي إذا خاطبني أهل الحديث بالأحاديث المروية بالأسانيد فإني أحاجهم بالعلم الباطن الذي لا ينال بالدارسة والتعلم وإنما ينال بالرياضة الصوفية والكشف والعلم اللدني في زعمهم وإنما هي وساوس إبليسية وخواطر شيطانية يصدهم بها الشيطان عن الحق ويضلون بزخرفها كثيراً من الخلق.

ثم قال ابن الجوزي :

قلت من أكبر المعاندة لله عز و جل الصد عن سبيل الله وأوضح سبيل الله العلم لأنه دليل على الله وبيان لأحكام الله وشرعه وإيضاح لما يحبه ويكرهه فالمنع منه معاداة لله ولشرعه ولكن الناهين عن ذلك ما تفطنوا لما فعلوا

ثم نقل عن أبي عبد الله بن خفيف أنه قال : اشتغلوا بتعلم العلم ولا يغرنكم كلام الصوفية فاني كنت أخبىء محبرتي في جيب مرقعتي والكاغد في حزة سراويلي وكنت أذهب خفية إلى أهل العلم فإذا علموا بي خاصموني وقالوا لا تفلح ثم احتاجوا إلي بعد ذلك.

وقد كان الإمام احمد بن حنبل يرى المحابر بأيدي طلبة العلم فيقول هذه سرج الإسلام وكان هو يحمل المحبرة على كبر سنه فقال له رجل إلى متى يا أبا عبد الله فقال المحبرة إلى المقبرة” اهـ

وقد تأثر بهم في هذا التزهيد عن العلم وأهله جماعة التبليغ في عصرنا لذا تجد عامة أفرادهم من العوام الجهلة وهم مع ذلك المتصدرون للإمارة والدعوة والزيارات والوعظ وإلقاء البيانات وقد سمعت عددا من أفرادهم لا أحصيهم يقولون ما معناه: (لا تلزم الدراسة ولا طلب العلم للدعوة ولكن إذا قمنا أمام الناس يفتح الله علينا)

وأين هذا الفهم والمنهج من قوله تعالى (قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) فالجاهل إذا دعا وعلّم أفسد ولم يصلح.

وأين هذا الفهم مما تقرر أن العلم إنما ينال بالتعلم فالله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئاً ثم فرض علينا طلب العلم حتى نعبده قال ابن مسعود: إن الرجل لا يولد عالما وإنما العلم بالتعلم. وقال أبو الدرداء: العلم بالتعلم

وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلمون منه ويأخذون عنه فمن استطاع حضر بنفسه ومن لم يستطع أناب غيره ثم يرجع إليه فيحدثه بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال عمر بن الخطاب: “كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره وإذا نزل فعل مثل ذلك” متفق عليه

ثم جلس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس من بعده يعلمونهم ويفقهونهم ولا زال المسلمون على هذا إلى يومنا هذا والحمدلله إلا من ضل سواء السبيل.

وإذا كان الصوفية ابتدعوا علم الخرق مقابل علم الورق كما يزعمون فقد ابتدع ورثتهم فقه الحركة مقابل فقه الورقة ويقدمون علم الحركة وفقهها على علم الورق الذي هو العلم الشرعي وغايتهم من ذلك إشغال الشباب بأنشطة الحركة لتحقيق مآربهم الثورية.

والحمد لله الذي حفظ دينه بلطفه ورحمته وبتسخيره لعلماء السنة فقاموا بجمع علوم الكتاب والسنة وحفظها وتنقيتها من الشوائب ونشرها وبذلها


اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مُعلمة بـ *