حثُّ مُلّاك العقارات على التيسير على الناس | فضل العلماء على الأمة، وعظم المصاب بفقدهم | وجوب لزوم الجماعة، والسمع والطاعة، والحث على المحافظة على أمن الوطن. | الترغيب في تعلّم كتاب الله تعالى وحفظه والعمل به  | رعاية كبار السن والعناية بهم | توجيهات في بداية العام الدراسي الجديد 1447هـ | بر الوالدين |

العنوان : حثُّ مُلّاك العقارات على التيسير على الناس

عدد الزيارات : 933

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أما بعد:

فإن الله تعالى امتنَّ على عباده بنعمة المساكن لما فيها من حفظ كرامة الإنسان، وحماية خصوصيته، وستر عورته، واجتماع شمله، ووقايته من الحر والبرد والمطر، وغير ذلك من المصالح والمنافع، قال تعالى {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80]

ولما صار كثير من الناس يجدون مشقة بالغة في تملك البيوت أو استئجارها بسبب غلاء أسعارِها سنّت الدولة وفقها الله كثيراً من التنظيمات، واتخذت مجموعة من الإجراءات، تهدف إلى تيسير حصول المواطن والمقيم على السكن المناسب، استشعاراً من القيادة وفقها الله لمسؤوليتها تجاه رعيتها. ومن آخر ذلك صدورُ أوامرِ وتوجيهاتِ سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله – التي من شأنها تحقيقُ التوازنِ في القطاع العقاري، فنسأل الله تعالى أن يجزيه خير الجزاء وأن يكون ممن رَفقَ برعيته فرفَقَ اللهُ به، مصداقا لقوله ﷺ «اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ».

عباد الله:

إن بعض ملاك العقارات قد يحمله الحرصُ والطمع، والشُّحُ والجَشَع، على رفع أسعار العقارات رفعاً فاحشاً مبالغاً فيه، لا مسوّغ له إلا استغلالَ حاجةِ الناس في واحدة من أهمِّ احتياجاتهم وهي المساكن.

فهل تذكّر هؤلاء الذين تقصّدوا الإضرار بالناس لمصالحهم الشخصية هل تذكّروا قوله ﷺ “مَن ضارَّ ضارَّ اللهُ به، ومن شاقَّ شاقَّ اللهُ عليه” رواه الترمذي وحسّنه.

فهل يَتوقع مَن شَقَّ على المؤمنين وضرَّهم بغيرِ وجه حق أن ييسرَ اللهُ أمرَه، وأن يبارك له في رزقهِ وصحتهِ ونفسِه، وقد توعّده النبيُّ ﷺ بأنَّ الله سيضرُه وسيشقُّ عليه؟

وبالمقابلِ فثَمَّ تجارٌ ومُلّاكٌ جعلوا الله نصْبَ أعينِهم، وجعلوا إخوانَهم بمزلة أنفسهم، فقنِعوا بالربحِ الذي ينفعهم ولا يضرُّ إخوانَهم، استشعاراً منهم للأخوّة الإيمانية، كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، وقال ﷺ «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ ‌حَتَّى ‌يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» متفق عليه.

وقنعوا بالميسور من الربح طلباً لمرتبة الإحسان التي يحبها الله ويحب أهلها، قال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]

وطلباً للرحمة التي وعدَ اللهُ بها الرُّحماءَ من عباده، قال ﷺ «إِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ ‌عِبَادِهِ ‌الرُّحَمَاءَ» متفق عليه.

وقنعوا بالميسور من الربح طلباً للرحمة التي دعا بها النبيُّ ﷺ لأهلِ السماحةِ في البيع والشراء، فقال ﷺ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» رواه البخاري.

ورجاءَ أن ييسر الله أمورهم ويكشف كروبهم  فإن الجزاء من جنس العمل، قال ﷺ ««‌من ‌نفّسَ ‌عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفّسَ اللهُ عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن يسَّرَ على معسر، يسَّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرة. ومن ستر مسلماً، سترهُ الله في الدنيا والآخرة. واللهُ في عون العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه» رواه مسلم. وقال ﷺ «كَانَ تَاجِرٌ ‌يُدَايِنُ ‌النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللهُ عَنْهُ»

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن دينَنا دينُ الإحسانِ إلى الناس، ودينُ الصدقِ في الحديث، وأداءِ الأمانة، والوفاءِ بالعهود والعقود، والتراحمِ والتعاونِ على البرِّ والتقوى، قال تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2]  وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وعلى هذه الأسس المتينة ينبغي أن تكون العلاقة بين البائع والمشتري، والمؤجر والمستأجر، فلا يحملُ التاجرَ الجشعُ والطمعُ أن يحتكر أو يرفعَ الأسعار، أو يبالغ في الربح، أو يغشَّ ويخدعَ في العقود.

وعلى المستأجر أن يحافظَ على العين المؤجَّرة وأن لا يتعمّدَ إتلافَها أو العبثَ فيها، أو يتعمّدَ مخالفة شيءٍ من بنودِ العقدِ بغير وجه حق، أو يماطلَ في السداد، أو يتهربَ منه أو من أداءِ أيِّ حقٍّ عليه تُجاهَ المؤجِّر. فبالرحمة والسماحةِ، والصدقِ والأمانةِ من المالك، وبالصدقِ والأمانةِ، والوفاءِ والسماحة من المشتري أو المستأجر تسودُ روحُ المودّةِ والمحبّةِ والاحترامِ بين الطرفين بل يمتد أثره الطيب على المجتمع كله.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمِنا مُطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفِّق إمامنا وولي عهده لهُداك، واجعَل عملَهم في رِضاك، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مُعلمة بـ *