الحث على اغتنام الإجازة فيما ينفع | فضل حُسْنِ الخُلُق والتحذير من إضاعة أجرِ الطاعات بالأذى | الترغيب في الإكثار من دعاء الله، وأن طلب المَدد من الأموات شرك أكبر | اسم الله الغفور | حثُّ مُلّاك العقارات على التيسير على الناس | فضل العلماء على الأمة، وعظم المصاب بفقدهم | وجوب لزوم الجماعة، والسمع والطاعة، والحث على المحافظة على أمن الوطن. |

العنوان : الحث على اغتنام الإجازة فيما ينفع

عدد الزيارات : 88

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أما بعد: فإنَّ أبناءَنا وبناتِنا في هذا الأسبوع يستمتعونَ بإجازةٍ قصيرة، يُجِمُّونَ فيها أنفسَهم ، ويستريحون فهيا من عناء الجِد، حتى يستعيدوا قوَّتَهم ورغبتَهم، فيعودوا بعدَها إلى الدراسةِ بعزيمةٍ قوية، ورغبةٍ صادقة.

ولكنْ علينا جمعياً أن نتذكر أنّ الفراغَ الذي يتاح في هذه الإجازة هو نعمةٌ كبيرة، وإن لم يُستغلَّ هذا الفراغُ بما يما ينفع، واجتنابِ ما يَضُر، كان صاحبُها خاسراً مغبوناً، كما قال ﷺ «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» رواه البخاري.

فمن الغَبْنِ في الإجازة أن تُضَيَّعَ الصلواتُ الخمسُ بسببِ اللهوِ والغفلةِ والنوم، قال تعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)  وقال تعالى : (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)  

ومن الغَبْنِ في الإجازة إنشاءُ علاقاتٍ ضارّةٍ غيرِ نافعة، سواءً كانت علاقاتٍ واقعيةً أو افتر اضيةً عبر وسائلِ التواصل، يذهب الوقتُ معها في القِيل والقال، وربما في الوِزرِ والآثام. قال تعالى: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) وقال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا).

ومن الغَبْنِ في الإجازة: أن تذهبَ الأوقاتُ في خمولٍ وكسلٍ يضرُّ الجسم ويضعفه، لا سيما في سِنِّ الصغَرِ والشباب، السِّنُّ الذي يحتاجُ للحركةِ والنشاطِ، والرياضة البدنيةِ المناسبةِ لنموّهِ وقُوّته، وأخطرُ من ذلك أن تذهب الأوقاتُ في نشاطٍ لكنْ في باطلٍ وضلال، يُضْعِفُ الإيمانَ، وينبتُ النفاق، ويُفسدُ الأخلاق، ويُميت الحياءَ من قلبِ المؤمن و المؤمنة.  عبادَ الله: إنّ العُمرَ نعمةٌ، وسنسألُ عنه يوم القيامة، قال تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) وقال تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)  وقال ﷺ: ” لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ” رواه الترمذي وصححه.فلنحافظ على أوقاتِنا، ولنحاسبْ أنفُسَنا، ولْنُرَوِّحْ عنها لكنْ في حدودِ ما أذِنَ اللهُ فيه دون تجاوزٍ ولا اعتداء قال تعالى : “وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” ، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، وأعينوا أبناءَكم وبناتِكم على استغلالِ الإجازة فيما يعود عليهم بالنفعِ في دينِهم ودنياهم، وأعينوهم على تَجَنُّبِ ما يضرُّهم في دينِهم ودنياهم، فأنتم مسؤولون عنهم، كما أنَّ المكلَّفَ منهم مسؤولٌ عن نفسه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ، وقال ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا” الحديثَ. متفقٌ عليه، ولا شكَّ أنَّ ضبطَ الإجازةِ قد يكونُ فيه صعوبة لكنْ بالتوكلِ على الله واحتسابِ الأجر، والتخطيطِ الجيد، والاستفادةِ من التجاربِ الناجحة، واستغلالِ الفُرَصِ المتاحة، يمكن تجاوزُ الصعوباتِ إن شاء الله.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمِنا مُطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفِّق إمامنا وولي عهده لهُداك، واجعَل عملَهم في رِضاك، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مُعلمة بـ *