جديد الإعلانات :

العنوان : البراهين على بدعية الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه الصلاة والسلام

عدد الزيارات : 3980 عدد مرات التحميل : 65 - تحميل

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

 أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنه مما شاع في كثير من البلدان الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه الصلاة والسلام، وعمل المولد من البدع المحدثة والبدع في الدين شر عظيم وإن استحسنها بعض الناس فقد قال صلى الله عليه وسلم (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) وكان يقول في خطبته (وشرَّ الأمور محدثاتها وكلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة وكلَّ ضلالة في النار) رواه مسلم والنسائي واللفظ له.

ومن ابتدع في الدين بدعة فقد جعل نفسه مشرعاً مع الله والتشريع حق لله وحده لأن الله تعالى أنكر على من اتخذ مشرعاً مع الله فقال سبحانه {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

والابتداع في الدين يعني أن صاحبه لم يلتزم بمقتضى قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم) لأن لسان حاله يقول إن الدين تنقصه هذه الخصلة من الخير فأنا أكمله بها وهذا أمر عظيم لو تأمله من أُشرب قلبه حب البدع والمحدثات.

وقد يقول قائل ويسأل سائل: لِمَ كان الاحتفال بالمولد النبوي بدعة وضلالة فالجواب كما يقول العلماء الربانيون الراسخون في العلم أنه:

لو كان الاحتفال بالمولد مشروعاً لرغّب اللهُ تعالى عباده فيه في كتابه الكريم أو أمرهم به، (وما كان ربك نسياً)

ولو كان مشروعاً _ ولم يَـرِدْ في كتاب الله _ لجاء الأمر به أو الترغيب فيه في سنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية أو لفَعَله ولو مرةً واحدةً في عمره الشريف فإنه عاش بعد بعثته ثلاثاً وعشرين سنة ولم يحتفل بمولده ولا مرة واحدة وهو الناصح لأمته الحريص عليها الذي لم يدع خيراً إلا أمرها به ولا شراً إلا نهاها عنه. لم يغشَّ أمته ولم يكتمها شيئاً أُمِر بتبليغه عليه الصلاة والسلام.

ولو كان مشروعاً لبادر إليه خلفاؤه الراشدون وأهل بيته الأقربون وأصحابه الأنصار والمهاجرون وهم أشد الناس له حباً وأوسع الناس بالدين علماً وأعظم هذه الأمة على الخير حرصاً.

ولو كان مشروعاً لفعله السلف الصالح من أئمة التفسير والفقه والحديث من التابعين وأتباع التابعين والأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبوعة المعروفة.

فهل يعقل يا عباد الله أن يكون الاحتفال بالمولد من شُعب الإيمان ومن خصال الخير ومن الأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله زلفى ثم لا يكون له ذكر في القرآن ولا في السنة ولا عُرِف في القرون المفضلة المشهود لها بالخيرية في قوله صلى الله عليه وسلم (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم).

أيطوي الله هذا الخير عن أحب الخلق إليه ثم يكشفه لبني عُبيد القَداّح ملوك مصر والمغرب في أوائل القرن الرابع الهجري الذين هم أول من أحدث هذه الموالد وغرّ الأمة بها وهم من أكفر الناس حتى قال عنهم أهل العلم (ظاهرهم الـــرِفْض، وباطنهم الكفرُ الـمَحْض) هيهات ما أبعدَ هذا وأبطلَه.

فاتقوا الله عباد الله واستمسكوا بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وسلفكم الصالح، واجتنبوا البدع وإن ْكَثُر فاعلوها فإن الكثرة ليست دليلاً ولا حجة إنما الدليل هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وتمسك بسنته واتبع هداه إلى يوم الدين أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة محدثة ولو لم يكن فيه الا الاجتماع على قراءة سيرته الشريفه الصحيحة لما تقدم من عدم الدليل على مشروعيته فكيف والموالد لا تكاد تخلو من البدع والمحدثات والمحاذير الأخرى كإنشاد القصائد التي تغلو في النبي صلى الله عليه وسلم غلواً عظيماً حتى تجعله نداً لله تعالى يعلم الغيوب ويكشف الكروب ويجيب الداعي، ومن أشهرها قصيدة البردة للبوصيري. وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من هذا المزلق الخطير مزلق الغلو في الصالحين عامة وفيه خاصة فقال صلى الله عليه وسلم «لاَ تُطْرُونِي،  كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ» رواه البخاري. ومعنى لا تطروني أي لا تبالغوا في مدحي. وقال صلى الله عليه وسلم (إياكم والغلوَّ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلوُّ في الدين) رواه أحمد والنسائي. وقال سبحانه محذراً هذه الأمة أن تسلك مسلك النصارى في الغلو في عيسى بن مريم{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}

ومن البدع المشهورة في الموالد قيام المحتفلين في لحظة معينة لاعتقادهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر فيها حفلهم ويمر بهم ويشاركهم.

ومنها أن بعض الموالد قد يشوبها الاختلاط ورقص النساء بحضرة الرجال واستعمال المعازف وغير ذلك من المنكرات والعياذ بالله.

عباد الله: إن الاحتفال بالمولد ليس تعبيراً صحيحاً عن حب النبي صلى الله عليه وسلم وإنما حبه الصحيح امتثال أمره واتباع سنته كما قال تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) والاحتفال بمولده ليس من اتباعه فليس من حبه الشرعي إذن.

ومن أراد دراسة سيرته صلى الله عليه وسلم فليدرسها متى شاء فالعام كله وقت مناسب لدراستها لا أن تخص بيوم المولد وتهملَ سائر العام. بل اصرفوا أنفس أعماركم في دراسة سيرته لا سيما بعد بعثته ودراسة سنته وتفقهوا فيها وتأسوا به فإنه أسوتنا كما قال تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }

اللهم ارزقنا حبك وحب نبيك صلى الله عليه وسلم على الوجه الذي يرضيك عنا اللهم مسكنا بسنته، واتباع شرعته، واحشرنا يوم القيامة في زمرته برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واحم حوزة الدين وانصر عبادك الموحدين.

اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة وانصر بهم دينك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم واستعملهم في طاعتك وصلاحِ بلادك وعبادك يا رب العالمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *