جديد الإعلانات :

العنوان : التحذير من التطفيف في الكيل والوزن خطبة

عدد الزيارات : 3008 عدد مرات التحميل : 45 - تحميل

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. أما بعد: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون) وإن من تقوى الله جل وعلا الوفاء بالمكاييل والموازين وذلك بعدم الزيادة إذا كلتم أو وزنتم لأنفسكم وعدم النقص منها إذا كلتم أو وزنتم لغيركم فقد أمر الله تعالى بالوفاء بالكيل والميزان فقال تعالى {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [الأنعام: 152] وقال تعالى {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [الإسراء: 35] وتوعّد الله من طفف أو بخس فيها فقال تعالى {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} وكان قوم شعيب مع كفرهم بالله قد بخسوا المكاييل والموازين فدعاهم شعيب إلى إفراد الله بالعبادة ونهاهم عن الشرك وأمرهم بالوفاء بالمكاييل والموازين ونهاهم عن ظلم الناس فيها كما قص الله خبره في كتابه الكريم فقال تعالى {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } وقال لهم {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183)} فلما أبوا واصروا وعاندوا أخذهم الله بأنواع من العذاب العظيم وهي الرجفة والصيحة والظلة وهي سحابة أظلتهم حتى إذا اجتمعوا تحتها سلط الله عليهم منها ناراً فأحرقتهم. قال تعالى {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } [الأعراف: 91] {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } [هود: 94، 95] وقال تعالى {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: 189] نعوذ بالله من نقمته وغضبه. عباد الله: إن الله قص علينا خبر قوم شعيب والأمم المعذبة لنأخذ منها العظة والعبرة فلا نقع فيما وقعوا فيه من ترك ما أوجب الله وفعل ما حرم الله ولهذا كان ابن عباس يمر بأصحاب المكاييل والموازين فيقول لهم مذكراً ومخوفاً بالله : “إِنَّكُمْ قَدْ وُلِّيتُمْ أَمْرَيْنِ هَلَكَتْ فِيهِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ قَبْلَكُمْ” يعني فلا تطففوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس فيعذبكم الله كما عذبهم. وقال صلى الله عليه وسلم (ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين) يعني بالقحط والجدب. فراقبوا الله تعالى وأوفوا الكيل والوزن إذا كلتم ووزنتم للناس ولا تطففوا وتزيدوا إذا وزنتم أو كلتم لأنفسكم بل التزموا الأمانة والصدق والوفاء قال صلى الله عليه وسلم (إذا وزنتم فأرجحوا) أي فأوفوا الوزن. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان وسلم تسليما. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وراقبوا الله قبل أن تراقبوا الخلق، فإن أعمالكم تحصى عليكم ثم تجازون بها يوم القيامة. واعلموا أن الخيانة والبخس في المكاييل والموازين له صور كثيرة ومنها: النقص في عدد السلعة المتفق عليها، أو النقص في وزنها، أو النقص في سعتها أو حجمها، أو النقص في جودتها. أو الكذب في اسم الدولة المصنعة، أو اسم الشركة المنتجة ونحو ذلك. وبعض البائعين قد يتساهل بالنقص اليسير على المشتري أو الزيادة اليسيرة لصالح نفسه ويظن بذلك أن الوعيد والعقوبة لا تشمله غافلاً عن قول الله تعالى (ويل للمطففين) والتطفيف هو الزيادة القليلة المتعمدة لصالح نفسه فإذا كان هذا الوعيد في حق من يزيد متعمداً زيادة طفيفة لمصلحته فكيف بمن يزيد شيئاً كثيراً، ومثل ذلك من يبخس المشتري شيئاً قليلاً متعمداً فهو متوعد بهذا الوعيد الشديد فكيف بمن يبخسهم الشيء الكثير والعياذ بالله. عباد الله: إن إيماننا بالله واليوم الآخر يفرض علينا أن نكون أمناء في تعاملنا مع الخالق أمناء في تعاملنا مع الخلق، نلتزم الصدق والأمانة ونجتنب الغش والخيانة. لأننا نتلوا قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ونسمع قول نبينا صلى الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا) ونعلم أن ديننا دين النصح لقوله صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة) ولأن المسلم يعتقد أن كل مسلم أخٌ له فكيف يخادعهم أو يغشهم أو يخفي عنهم العيوب التي يعلمها وقد قرر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المعاني الجليلة في قوله (المسلم أخو المسلم لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا فيه عيب إلا بينه له). ولأن هذه البيوع مشتملة على عقود إما منطوقة أو مكتوبة أو متعارف عليها والمسلمون على شروطهم يجب عليهم الوفاء بها ولو كنا نعامل مشركاً كافراً فكيف مع إخواننا في الدين والملة قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وقال تعالى {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34] إن هذه النصوص الشريفة لو تخلقنا بها لانقرضت أكثر الخصومات التجارية وأكثر الغش التجاري ولكن الجهل بها أو الغفلة عنها تجعل كثيراً من الناس يؤثر العاجلة على الآجلة والله المستعان. هذا وصلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير المبعوث رحمة للعالمين وقائد الغر المحجلين اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم آمن أوطاننا وأصلح سلطاننا، اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا. اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *