العنوان : براءة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من فكر داعش
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا)
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا)
أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد:
فإن من عادة أهل الباطل أن ينسبوا أنفسهم أو بدعهم للكتاب أو للسنة أو لبعض الصحابة أو لبعض فضلاء الأمة حتى يغرروا بالناس ويجروهم إلى بدعهم وضلالهم.
وإذا بان فحش هذه البدعة وقبح سيرة أهلها فإن أعداء الإسلام وأعداء السنة يجتهدون في نشرى الدعاية بأن هذه الطائفة تمثل الإسلام أو أنها تمثل السنة. والقصد من ذلك هو تشويه الصورة الحسنة للإسلام وتشويه الصورة الحسنة للسنة والوقوف في وجه انتشار الإسلام الصافي النقي من البدع والمحدثات..
ومن ذلك على سبيل المثال أنه لما شرّقت وغرّبت السيرة القبيحة لتنظيم داعش القائمة على الظلم والعدوان وسفك الدماء بغير حق والتكفير بغير حق والمساهمة في تهجير الناس وتدمير البلاد والتهيئة لتفتيت الدولة الإسلامية عامة والعربية خاصة بإثارة الفوضى فيها وإنهاكها بالفتن الداخلية وغير ذلك مما لا تخفى شناعته وبشاعته حرص كثير من أعداء المملكة العربية السعوديه أيدها وأعداءِ دعوة الإمام المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على الزعم بأن داعش هي امتداد لدعوة محمد بن عبد الوهاب وعقيدة ابن تيمية رحمهم الله.
وهذا من الكذب والافتراء والبهتان الذي لا دليل عليه ولا حجة ولا برهان.
فالدولة السعودية كانت من أوائل الدول وفي مقدمة الدول التي تبرأت من داعش واعتبرتها مع جبهة النصرة والإخوان وحزب الله وغيرها من التنظيمات الإرهابية في بيان الداخلية الشهير.
وكذلك داعش لا يتولى السعودية ولا يحبها بل ما زال التنظيم ينشر الصوتيات والمرئيات التي يتبنى فيها تكفير السعودية حكومة وعلماء ورجال أمن ويعلن استحلال دمائهم ويتوعد ويتهدد، ثم أتبع ذلك باستهدافه بعض المساجد والمواقع بالتفجير والاغتيالات كما هو معلوم. فكيف يصدق عاقل هذه التهم الرخيصة.
وأما الادعاء بأن فكر داعش مستمد من دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وكتبه كما يروجه الحاقدون والمغرضون والمتصيدون في الماء العكر فقد تعلقوا بأن داعش يطبع بعض كتب الشيخ رحمه الله أو يستدل ببعض أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية أو ببعض أقوال أئمة الدعوة ولا شك أن هذا من الفجور في الخصومة التي نربأ ببعض أبنائنا من أهل هذا البلد ممن درسوا العقيدة السلفية وعرفوا دعوة الشيخ رحمه الله عن قرب..أن يقعوا فيها.
فإن هذا الاستدلال. باطل بين البطلان. فهل كل من استدل على باطله بكلام أحد يكون المستدَّل بكلامه مبطلاً مفسداً. حاله كحال هذا المستدِّل بكلامه؟! لا شك أن الأمر ليس كذلك..
فهاهم يستدلون في بياناتهم وأقوالهم وفتاويهم على أعمالهم المنكرة وعقائدهم الشنيعة بآيات من كتاب الله وأحاديث من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل يجوز أن يقال إن مصدر داعش هو الكتاب والسنة؟ لا شك الجواب: لا . هم يستدلون نعم لكن هل استدلالهم صحيح أم أنهم يفسرونه حسب أهوائهم.. وحتى أقرّب لكم المقصودَ بالمثال أقول : لو أن رجلاً قال للناس لا تصلوا فالصلاة حرام لأن الله توعد المصلين بقوله تعالى في سورة الماعون (فويل للمصلين) لقلنا جميعاً أخطأتَ وضللتَ وكذبتَ على الله. مع أن الآية نعم موجودة في كتاب الله ولكنه لما قطعها عما بعدها ولم يكمل قوله تعالى (الذين هم عن صلاتهم ساهون) أخطأ في الاستدلال وغيّر المعنى المراد . وهكذا حال أهل الأهواء يتلاعبون في التعامل من النصوص حتى تظهر للناس أنها في صالحهم وهي في حقيقة الأمر ضدهم.
إنهم حين يستدلون بكلام ابن تيمية أو محمد بن عبد الوهاب أو أحد تلاميذه لا يستدلون به على نحو ما أراد أولئك الأئمة وإنما يحرفون الكلم عن مواضعه، ويقتطعون الكلام عن سياقه، وينزلونه على غير ما نزله عليه أولئك الأئمة من الحوادث والقضايا العينية.
وإلا فالدعوة السلفية التي جدد معالمها الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وناصره عليها الإمام محمد بن سعود رحمه الله دعوة تقوم على الكتاب والسنة وعقيدة السلف الصالح وهي أبعد ما تكون عن التكفير بغير حق وعن استحلال الدماء بغير حق، دعوة تقوم على رحمة المسلمين وتوطيد علائق الإخوة بينهم في ذات الله لذا نجحت وكتب الله لها القبول وأحبها الناس في هذه الجزيرة وأيدها علماء الإنصاف والعدل في أرجاء المعمورة والحمد لله..
ففي باب التكفير إذا كانت القاعدة وداعش والنصرة تكفر المسلمين والحكومات والعلماء بالهوى والجهل فإننا نجد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من أضيق الناس في باب التكفير و من اشدهم احتياطاً فيه فيقول رحمه الله "ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم" فلا يكفر إلا بما أجمع عليه العلماء كلهم.
ولا يكفر إلا بعد بلوغ الحجة وقيامها على من قام به سبب التكفير فيقول في ذلك رحمه الله "فجنس هؤلاء المشركين وأمثالهم، ممن يعبد الأولياء والصالحين، نحكم بأنهم مشركون; ونرى كفرهم، إذا قامت عليهم الحجة الرسالية; وما عدا هذا من الذنوب، التي هي دونه في المرتبة والمفسدة، لا نكفر بها". ويقول رحمه الله رادا على امن افترى عليه الغلو في التكفير : " وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم، الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم، وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا، أو لم يكفر ويقاتل؟: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}.
وكلامه وكلام تلاميذه في هذا الباب كثير.
وأما استحلال الدماء فهو من ابعد الناس عن استحلال دماء المسلمين بغير حق فكان لا يقاتل إلا بما أجمع العلماء على أنه موجب للقتال فيقول في جواب من سأله عما يقاتل عليه ( إنا لا نقاتل إلا على ما أجمع عليه العلماء كلهم، وهو الشهادتان بعد التعريف، إذا عرف ثم أنكر) اهـ وقال ابنه عبد الله في بيان التزامهم في جهادهم بآداب الشرع وأحكامه (ولا نرى قتل النساء والصبيان). فأين هذا مما تفعله داعش ومن شاكلها من القتل العام والتفجيرات والاغتيالات وقتل النساء والأطفال والأبرياء شر قِتلة.
وإذا كانت داعش تسعى اليوم جاهدة إلى تفتيت بلاد المسلمين ونشر الفتن والفوضى في ربوعها وأرجائها فإن دعوة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله جاءت لتجمع كلمة المسلمين على الحق وقد تحقق لها بفضل من النجاح الباهر مع كثرة الأعداء وقوتهم مالا يخطر على البال، وها نحن في الدولة السعودية الثالثة أدامها الله عزاً للإسلام وأهله وهي ثمرة من ثمار تلك الدعوة نشاهد ونعايش اجتماع الكلمة في أرجاء هذه الجزيرة التي لم تجتمع رايتها قبل دعوة الشيخ ومناصرة آل سعود له قروناً طويلة بل كانت إمارات وقبائل متفرقة متناحرة حتى ساق الله لها هذا الخير فجمع الله بها الشمل ووحد بها الكلمة وأبدلهم بعد الذلة عزاً وبعد الفقر غنى وبعد الجهل علماً ونوراً فلله الحمد والمنة.
نسأل الله أن يوزعنا شكر نعمه وأن يديم على هذه البلاد أمنها واستقرارها واجتماع كلمتها وأن يجزي الإمام محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه والإمام محمد بن سعود وأبناءه وذريته عنا وعن المسلمين خير الجزاء . اقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين ولي المتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله حق التقوى
إخوة الإيمان: إنا إذا كنا عرفنا أن داعش نبتة خبيثة لا تمت بِصلة إلى عقيدة السلف الصالح ولا إلى أئمتها عامة ولا إلى شيخ الاسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب بصفة خاصة. فالسؤال إذن من أين تستمد طريقتها؟
لقد أجاب أهل العلم عن هذا السؤال بأنها امتداد لفكر الخوارج وعقيدة الخوارج وهم طائفة تكفر المسلمين بالذنب، وتتقرب إلى الله بالخروج على حكام المسلمين وباستحلال دماء المسلمين بل إن الحقد والغل الذي في قلوبهم على المسلمين أشد وأقوى من الذي في قلوبهم على الكفار مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم (يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان).
وقد لقي المسلمون منهم شراً عظيماً فأولهم اتهم النبي صلى الله عليه وسلم في أمانته وعدله ثم جاء أتباعه من بعده فقتلوا عثمان رضي الله عنه وهو أمير المؤمنين لم يراعوا سابقته ولا بلاءه في الإسلام ولا شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة ولا سنه الذي جاوز الثمانين فذبحوه في بيته صائماً يقرأ كتاب الله جل وعلا.
ثم كفروا علياً رضي الله عنه وقاتلوه في النهروان ثم اغتالوه وهو خارج يصلي الفجر بدعوى أنه حكم بغير ما أنزل الله فكفروه واستحلوا دمه.
وهم أشد الناس تعطشاً لإراقة الدماء المعصومة فإنهم يكفّرون الناس بالمعاصي بل وبالأمور المباحة ثم يستحلون دماءهم.
وقد استغلهم كثير من أعداء الإسلام والسنة لذا تجد بأسهم على أهل السنة أكثر في الوقت الذي لا تجد لهم بأساً في دولة إيران ولا في دولة اليهود مع قربهم منهم ومجاورتهم لهم.. فأين غيرتهم المزعومة على الإسلام وعلى السنة.
فليحذر أبناؤنا وشبابنا من فكر داعش والتنظيمات الغالية الإرهابية كالقاعدة والنصرة وغيرها فإنها تربي المنتمين لها والمتعاطفين معها على التكفير والخروج وتجندهم ضد بلدانهم وأهاليهم.
نسأل الله أن يدرأ عنا شر الأشرار وكيد الفجار وأن يكشف عن المسلمين باس عدوهم من ممن يعتدي عليهم من اليهود والنصارى والمشركين وأهل الأهواء والبدع إنه قوي عزيز.
اللهم أعز الإسلام ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الله اكبر
الحمد لله