جديد الإعلانات :

العنوان : من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

عدد الزيارات : 15491 عدد مرات التحميل : 43 - تحميل
 

أما بعد:

فإن الله عز وجل يصطفي من يشاء عباده ويختار فكما اختار من خلقه محمدا صلى الله عليه وسلم ليكون خاتم النبيين ورحمة للعالمين وسيداً لولد آدم أجمعين فقد اختار له أصحاباً هم الصفوة من الخلق بعد النبيين والمرسلين إيمانا وهدى وصلاحاً وتقى وشجاعة وصدقا وخلقاً وسمتا وفقهاً وعلماً..

وإن من صفوة الصفوة وخيار الخيار الخليفةَ الراشد الرابع عليَ بن أبي طالب ابنُ عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهرُه على ابنته فاطمةَ سيدةِ نساء المؤمنين وأبو ريحانتي النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا الحسنِ والحسين سيدي شبابِ أهل الجنة.

أسلم في أول بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فكان أول من أسلم من الصبية، ولزم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يفارقه وشهد معه المشاهد إلا أن يتخلف عنه بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم.

أثنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ثناء عاطراً وحاز من الفضائل والمناقب حظاً وافراً فمن ذلك أن  النبي صلى الله عليه وسلم شهد له شهادة معينة بأنه يحب الله ورسوله وأنه يحبه الله ورسوله كما في الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه و سلم يوم خيبر ( لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ) . فبات الناس ليلتهم أيهم يعطى فغدوا كلهم يرجونه فقال ( أين علي ) . فقيل يشتكي عينيه فبصق في عينيه ودعا له فبرأ كأن لم يكن به وجع فأعطاه فقال أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال ( انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فوالله لأن يهدي الله رجلا بك خير لك من أن يكون لك حمر النعم ).

وحين خلفه على أهل المدينة في غزوة تبوك حزن علي رضي الله عنه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مطيباً لنفسه ومطمئنا لقلبه (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) متفق عليه أي أن موسى لما واعد ربه أربعين ليلة خلف هارون في قومه يسوس أمرهم حتى يرجع وهكذا خلف الرسول صلى الله عليه وسلم علياً على من بقي في المدينة يسوس أمرهم حتى يرجع ومن خلف غازياً في أهله بخير فله أجر الغزو بإذن الله.

وعن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من كنت مولاه فعلي مولاه) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

أي أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي محبة علي لانه من المؤمنين به المتبعين له عليه الصلاة والسلام وهذا امر يشترك فيه عموم المؤمنين كما قال تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) وقال تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ  [المائدة : 55] ولكن لعلي في هذا الحديث خصّيصة تعيينه والنص عليه رضي الله عنه.

ولما نزل قول الله تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ _ يعني عيسى بن مريم_ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ  [آل عمران : 61] دعا الرسول صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة والحسن والحسين وقال اللهم هؤلاء أهلي. أخرجه مسلم عن سعد بن ابي وقاص وهو رضي الله عنه يعدد بعض فضائل علي رضي الله عنه .

وثبت في الصحيحين في قصة ابنة حمزة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له (أنت مني وأنا منك) يعني أنت مني في المحبة والنسب والمصاهرة وما كان لك من السابقة الى الإسلام والنصرة والهجرة ونحو ذلك.

وقد حاز علي رضي الله عنه فضل الهجرة وفضل شهود بدر وفضل شهود الحديبية وغيرها من مغازي النبي صلى الله عليه وسلم.

ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنه راض وبشره بالجنة كما في حديث سعيد بن زيد.

وبايع علي رضي الله عنه أبا بكر مع المسلمين وكان معترفاً بفضله موقراً له ، وهكذا كان في عهد عمر وزير صدق وعضداً قوياً للفاروق وزوجه ابنته أم كلثوم بنت فاطمة رضي الله عنهما وأنجبت له ولداً وبنتا.

ولما تم اختيار عثمان بايع له فيمن بايع من المسلمين وبقي على السمع والطاعة والنصح له إلى أن لقي ربه شهيداً في الفتنة التي جرت له رضي الله عنه.

ولما قتل عثمان بايع الناس علياً رضي الله عنه فكان رابع الخلفاء الراشدين وسار في الناس سيرة حسنة ولكن الزمن الذي ولي فيه الأمر كان زمن فتن ومحن واختلاف وفرقة فصبر وصابر وسار في الأمة بما يدين الله أنه الحق حتى قتل على يد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم وهو خارج إلى صلاة الفجر ينادي الناس الصلاة الصلاة وذلك في رمضان سنة اربعين من الهجرة. غفر الله له ورحمه وجمعنا في جنات عدن ومقعد صدق عند مليك مقتدر

اقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

أما بعد:

فإن علياً رضي الله عنه ابتلي بطائفتين من الناس طائفة قصرت في حقه وفرطت في شأنه فأبغضته وعادته بل منهم من كفره وأخرجه من الملة ومن هؤلاء النواصب والخوارج، وكان من شأن الخوارج أن علياً لما قبل بالتحكيم بينه وبين معاوية رضي الله عنهما كفروه بدعوى أن حكم بغير ما أنزل الله فقد كفر وأنه لما حكم الرجال في الصلح قد حكم بغير ما أنزل الله فكفر .. فاجتمعوا في مكان يقال له النهروان وكانوا قوماً أهل صلاة وصيام وقراءة قران واجتهاد في العبادة مما سبب كثيراً لأتباعه حرجاً وترددا في قتالهم ولكنه أصر على قتالهم وأيقن انهم القوم الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر من ادركهم بقتالهم بل واستئصالهم لأنهم شر على المسلمين فلا يغتروا بجهادهم ولا بصلاتهم ولا بسيماهم الحسنة فسيوفهم مصلتة على المسلمين وايديهم ملطخة بدماء المعصومين وما يقدمونه من الخدمات لأعداء الإسلام اعظم بكثير مما ينالهم منهم.. ولما ازداد يقينه أنهم هم إذ وجد فيهم ذا الثدية خر ساجداً لله لان هلاك الظلمة المفسدين في الارض لا سيما من يفسد باسم الإسلام نعمة عظيمة تستحق أن يسجد لله بسببها.

وابتلي بطائفة أخرى افرطت في حقه فغلت فيه وتجاوزت الحد حتى إن منهم من يعتقد فيه الالوهية والربوبية فيدعونه من دون الله وينسبون إليه التصرف في الكون، ومنهم يفضله على أبي بكر وعمر ومنهم من يعتقد أنه أحق بالخلافة من الثلاثة الذين قبله ومنهم من يكفر الصحابة لكونهم لم يولوه الخلافة بعد الني صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك من صور الانحراف

وهؤلاء كلهم على سبيل ضلالة وطريق غواية وعلي رضي الله عنه بريء منهم وهم برءاء منه لأن الموالاة الحقيقة تقتضي الاتباع لا الابتداع وتقتضي حب من يحبه وليك وعداء من يعاديه وليك فهم يكذبون عليه ويغلون فيه ويوالون أعداءه ويعادون أولياءه.

ونحن أهل السنة والجماعة ندين الله بحب علي رضي الله عنه وال بيت النبي صلى الله عليه وسلم ممن أمن به واتبعه كما نحب ابا بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة وسائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه ونسكت عما جرى من الخلاف بينهم رضي الله عنهم ونعتذر لهم بأحسن المعاذير .

ومع حبنا لهم جميعا واعترافنا بفضلهم وسابقتهم إلا أننا لا نغلوا في احد منهم لأن الله نهانا عن الغلو إذ هو سبيل الشرك والعياذ بالله. كما أننا نبرأ إلى الله ممن يبغضهم وبغير الجميل يذكرهم ونسأل الله أن ينتقم ممن يعادي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

معاشر المؤمنين ...

One comment

  1. جزاك الله خيير

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *